نشر في جريدة الآسبوع 12/1/2015
كارثة شارلى إيبدو
هي كارثة تشبه استهداف برجي التجارة فى 11 سبتمبر 2001 وتداعياتها ستكون
خطيرة, الإرهاب ضرب بلد الحريات وكان تعبير ميركل دقيقا حيث وصفت الحادث لا يمثل تهديدا لحرية الرأي
فقط بل تهديدا للقيم الغربية كلها القائمة على الديمقراطية واحترام حرية الرأي ,
جاءت دعوة الرئيس السيسى لثورة دينية ولتجديد الخطاب الدينى قبلها بأيام لتبعث برسالة واضحة أن مصر ترفض التشدد الديني فى كل صوره ,
وعلى الأزهر أن يحول الدعوة إلى فعل بالتخلص من عناصر الإخوان والسلفية
بداخله , وإعادة النظرة للمعايير الخاصة بالمناهج والدراسة , وتنقية كتب التراث من
الشوائب والشاذ من الأحاديث الضعيفة وغير المؤكدة , وفصل التعليم الأزهري الديني
عن التعليم المدني , وتدريب كوادر مؤهلة ليكونوا دعاة وعلماء
حقيقيين قادرين على شرح الدين الوسطى ووضع الدعاة المؤهلين مكان 60% من
الدعاة الوهابيين المتشددين في مساجد وزوايا الجوامع المنتشرة في كافة أنحاء مصر ,
لابد من تبنى إستراتيجية شاملة فى وزارة الثقافة ووزارة التعليم وإتحاد الإذاعة
والتليفزيون والأوقاف والأزهر لمواجهة الفكر
التكفيري! لقد شوهنا الإسلام بأنفسنا بكل جرأة وغباء ,وربط العالم ما بين الإسلام
والإرهاب فبعد 11 سبتمبر أصبحت ملامح العربي وأسمه وديانته الإسلامية موضع اشتباه في
كل المطارات والموانئ! وبعد ضرب بلد الحريات ستنشط الجماعات العنصرية المعادية
للعرب والمسلمين , وربما تتخذ قرارات وتسن
فوانيين ستقفل باب الهجرة والسفر نفسه لهذه الدول , وسيتم استهداف العرب والمسلمين
المهاجرين هناك منذ سنوات طويلة , العالم ينتقل من صدام الحضارات إلى صراع أدنى هو
صراع الديانات ! والإرهاب تعولم بداعش , وإذا لم ننتبه فلن نجد لنا مكان وسط عالم
يؤمن بالأنسنة والحرية وقبول الأخر واحترام الاختلاف والتعايش معه .. نخسر مع كل حادث إرهابي يضرب السياحة ويؤكد
تخلفنا , نخسر عندما يهان السياح فى مصر ويتم التحرش بهم وتساء معاملتهم , نخسر
بينما تستفيد إسرائيل من كل حرائقنا وتتجه اليها السياحة , وتصدر صورتها المزيفة
بأنها واحة الديمقراطية وسط بلدان الإرهاب والتخلف والاستبداد ! خسرنا عندما رفض الأزهر تكفير داعش , خسرنا لأن ليس لنا إستراتيجية إعلامية ولا ثقافية ولا
تعليمية لبناء مصر فى هذه المرحلة , فلا سياسات بعيدة المدى ولا غرس للفنون
والإسلام الوسطى وقيم التسامح والمحبة والحق والخير والجمال فى مدارسنا الابتدائية
, مازلت أذكر الأعمال العدائية التي استهدفت العرب في أمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر
, حيث تم اغتيال مواطن أمريكي فقط بسبب ملامحه العربية وتبين بعدها أنه مسيحي
الديانة لابد من إلغاء كل الأحزاب ذات المرجعية الدينية , والفصل بين الدين
والسياسة بشكل لا يدعو للبس , لماذا لا نركز على آيات وأحاديث تدعو للمحبة ونبذ
الكراهية ’ لماذا لا نظهر وجه الدين السمح , الديمقراطي نعم فلا أكراه في الدين ,
ولكم دينكم ولى دين, فالله هو الذي سيحكم بيننا يوم القيامة فيما كنا نختلف حوله ,
أين وجه الدين الخاص بالعدل كأساس للحكم والملك ووجه الإسلام الخاص بالعدالة الاجتماعية
( ليس منا من نام شبعانا وجاره جائع ) (وعجبت لمن لا يجد قوت يومه ولا يشهر للناس
سيفه ) (وما جاع فقير الإ مما متع به غنى) , أين هذا الدين الحقيقي المغيب كيف وأين اختطفتم هذا الوجه من الدين .
من العبث ما طالعتنا به الدعوة السلفية من انتقاد للسيسى لزيارته
الكاتدرائية ومشاركة المصريين صلواتهم !(حيث اعتبروا أن هذه الزيارة ستغذى التكفير
والإرهاب !ووصفها بالمصيبة وأنها سيتم إستعلالها بأنها ضد الإسلام !! وستشجع النصارى على المطالبة ببناء كنائس
أكثر ! ونصح قيادي سلفي الرئيس بأن يتخذ البرهامى وحسان مستشارين له فى الأمور
الشرعية لمصلحة البلاد !! ) إلى هذا الحد وصل بنا التخلف وكراهية الأخر والابتعاد
عن صحيح الدين .! الثورة الثقافية والدينية أصبحت ضرورة وجود وحياة .
طارق عبد الفتاح
خبير إعلامي
Tarekart64@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق