الأربعاء، 7 يناير 2015

احتمالات الثورة الثالثة

نشر في جريدة المشهد 6 - 12 يناير2015
                                             
                                                    احتمالات الثورة الثالثة    

على طريقة توقعات العام الحالي لا أتصور أن يناير القادم سيفجر موجة جديدة من الثورة ’ وأتفق تماما مع تعبير الرئيس السيسى بأن (مصر لا تحتمل ثورة ثالثة !وأن الشعب المصري يمكنه أن يقوم بثورة ثالثة )!ولكن الجملة الأخيرة لا يمكن أن تكون موجهة للشعب !فلا يمكن لرئيس ان يحرض شعبا على نفسه وعلى نظام حكمه !وربما كانت تحمل تحذيرا لرجال أعمال غير متعاونين أو من يناوئه في تحقيق خارطة المستقبل أو لإحكام قضائية أثارت الجدل !أو لمن قام بتسريبات تستهدف زعزعة الاستقرار !ولكن مكمن الخطورة على مصر كلها يكمن فى أن أسباب ثورة 25 يناير قائمة بل زاد عليها غلاء ومظالم أكثر ومع ذلك فأن أي  ثورة قادمة غالبا ستفضي لنفس النتائج !وربما نفس المسار (ثورة ثم صفقة ثم إخوان أوسلف ثم انتفاضة منظمة ثم حكم لرجل قوى من القوات المسلحة يضحى ويترك منصبه ويصبح مدنيا .!)
الفارق الوحيد الخطير الممكن حدوثه هو تحور الثورة ؟ بمعنى أن تأخذ مسارا مختلفا بدلا من انتفاضة شعبية فى الميادين إلى عصيان مدني شامل .!وقد يكون العصيان غير منظم ولكن انعكاس لإحباط العاملين من تحقق أحلامهم في مستوى معيشة مقبول إنسانيا ! ثم سيكون على  الثورة الصامتة أن تمنع حدوث الصفقة بتقديم حل المجلس الرئاسي ,ثم انتخابات حرة تقود لتحقيق أهداف الثورة وبقاء الجيش كحافظ وحامى للخطوات السابقة ,أن أى كسر لحلقة من الحلقات السابقة سيؤدى حتما إلى فوضى دموية أو تقسيم أو حرب أهلية .
أسهمت حكومة محلب فى التحضير لثورة ثالثة , برفع أسعار الوقود والمترو ,إلى غياب الحد الأدنى من الحماية للفقراء والمعدمين , إلى شيطنة الثورة والانقلاب على أهدافها بالإعلام الخاص وبأحكام قضائية منحت الثورة المضادة صك البراءة, وأحكام أخرى ألقت  بشباب الثورة في غياهب السجون .! كل ذلك أمتزج وتوحد مع دماء ودموع شهداء ثورة يناير وما تبعها من صدامات استهدفت إيقاف المد الثوري بمباركة ودعم من أمريكا والرجعية العربية .! الصورة الظاهرة توحي بأن الأمر أستقر , ولكن الحقيقة أن  الثورة تغلي في الأعماق , والفقر يدق العظام , والجوع لن يصبر,أذا أضفنا التعثر في الملف الأمنى الذي كلف فيه الشعب رأس النظام بالدفاع عنه ؟ فهذا معناه اكتمال الإحباط العام ,و معظم خلصاء السيسى والنظام ينصحونه بضرورة القيام بثورة على نظامه ! وأن استمراره مستحيل بالاعتماد على رجال نظامي مبارك والإخوان ,أن نصف نجاح أى رئيس يكمن في حسن اختياره لرجاله ومستشاريه , خاصة وأنه ليس لديه حزب ,والرهان على الشعبية مجازفة كبيرة لأنها متحركة وليست ثابتة !وفى تقدير البعض أنها في تآكل مستمر !
محاولات التفاهم مع رجال المال لم ولن تجدي !والرئيس لا يريد صداما معهم , ومن  الواضح أنهم لم ولن يدفعوا, وهذا ما دفع الحكومة  إلى تحصيل الأموال من الطبقة المتوسطة والفقيرة معا ! وهنا  مكمن الخطورة , فلن يصبر الناس طويلا مع غلاء يأكل أحلامهم في الحد الأدنى لحياة كريمة , ولا يمكنك أن تخفض أو تبيع مؤسسات مملوكة للدولة وتستغني عن عمالتها أو حتى أن تخفض من أجورها لأن هذا سيدفع لموجات غضب فورية قد تطيح بالنظام كله , الحل المنطقي الآمن هو أن تطبق الضرائب التصاعدية وأن تمنع التهرب الضريبي وأن تقيم الحد الأدنى والأعلى للأجور , فإذا لم تأخذ من الأغنياء ورجال المال وتقضى على الفساد بالقانون وليس بالرجاء والحب ,وأستمر الأخذ من الطبقات الفقيرة والمتوسطة فقط , فالثورة قادمة لا محالة وهى ثورة لا احد يمكن أن يتوقع شكلها و نتائجها , ولكنها ثورة دموية فوضوية  سيكون وقودها الغضب  المتراكم من الاستهانة بتضحيات سابقة والسعي لتحقيق قصاص من الجميع , ووقتها لن يكون الخوف من المؤامرات الدولية والتقسيم وغيرها مانعا أمام جماهير جائعة مغدورة في تحقيق أهداف ثورتها أبدا , وقد نلقى مصير سوريا فعلا , ولكن دعونا نسأل من الآن من المسئول أذا حدث أمر كهذا ؟ من شوه الثورة وأنقلب على أهدافها وجوع أغلبية الشعب المصري ومكن الثورة المضادة بجناحيها جماعة مبارك وجماعة الإخوان من العودة لمراكزهم الحيوية ؟ ومن ترك الشعب فريسة لتزايد الغضب والجوع القهر والظلم بعد أن ضحى أغلبه بحياته وحياة أبنائه في ثورة حصد منها الحنظل والخسارات , الخطورة الحقيقية أن هؤلاء المغدورين خسروا كل شيء ولم يعد لديهم ما يبكون على ضياعه  , وأنتم  تدفعونهم دفعا للاستشهاد طلبا للخلاص من حياة بلا عدل ولا حرية وطلبا للجنة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق