نشر في الاتحاد الثوري 27/أكتوبر 2014
بهجة الشوارع
الخلفية
ما أحوجنا للبهجة فى زمن الطاعون وزمن القتل المباح
...من بين حطام المبانى وأشلاء الجثث ..وسط سماسرة الحروب وتجار البشر وتجار
الدين.من عمق السواد والظلمة ..يخرج النور والأمل ..فالأمل كما يقول الطليان هو
أخر من يموت ....موفق جدا شعار ( مشروع
البهجة ) الذى توج فعاليات المهرجان الفنى ( الشوارع الخلفية ) فى الفترة من 16 –
22 أكتوبر الجارى ..حيث أستمتع جمهور الأسكندرية بعروض مبهجة حقا أشاعت البهجة
بالموسيقى والسينوجرافيا ..والعرائس التى حملت أمنيات الجمهور فى عالم أفضل وأكثر
تسامحا ومحبة ...تضمن المهرجان الذى هو مستقل عن أى جهة حكومية ورشا تدريبية
وندوات حوارية وإصدارات مسرحية فى محاولة لأستعادة روح النشاط الفنى والبهجة
والخروج من كآبة فترات التحول السياسى فى تاريخ الشعوب ....أستمتع الجمهور بعرض
إنجلترا (جلو) لفرقة جاندينى جلوب ..وهو عرض يعتمد على مهارات الإداء فى التحكم
الجماعى فى كرات وزجاجات متغيرة الإضاءة أضفت متعة بصرية أحدثت حالة مشروعة من
البهجة ...
أما العرض
الروسى ( حفلة باخ ) لمسرح نيكولاى زيكوف ..نرى فيه مهارة تكوين العرائس على خشبة
المسرح أمام الجمهور من مواد بسيطة فمجموعة سيديهات تتلألأ مع تسليط الإضاءة عليها
لتكون عروسة تسير وتتحرك وتدب فيها الحياة ..وهكذا تتكامل الإضاءة مع المهارة مع
البساطة ومع إستخدام مفردات المسرح الفقير من ستارة سوداء وأدوات بسيطة لخلق بهجة
عارمة ...فى عرض طائر الأمنيات لفنلندا ..نحن أمام نعامة يضع الجمهور ريشها فى شكل
أمنيات مكتوبة وتسير النعامة ومعها الجمهور فى حوارى وأزقة محيطة بمكان العرض وهو
دكان صغير .. العرض إطار وفكرة فنية تصلح للبناء عليها ويكشف عن كم الأمنيات التى
لم تتحقق لدى الجمهور حاول طائر الأمنيات أن يطير بها محلقا فى السماء أملا فى
تحقق بعضها . ...كما أقيمت حلقة نقاشية لإصدارات قام المهرجان بطبع وإصدار سبع
نصوص مسرحية جديدة لسبعة كاتبات شابات جديدات فى مجال الإبداع المسرحى من مصر دينا
سليمان وسمر عبد العاطى ومروة فاروق وميادة خطاب ونسرين لوز ..وعلا المسياطى من
سوريا وميرنا سخلة من فلسطين والأخيرتين لم تتمكنا من الدخول لمصر لإسباب سياسية
أمنية ..... وتأتى أعمال الكاتبات لرصد حالات التهميش والقهر الواقعة على المرأة
العربية فى ظل عنف التحولات السياسية فى الوطن العربى ..حاملة هموم جيل جديد يعبر
عن رفضة لأزدواجية وزيف القيم المجتمعية السائدة .
المهرجان تجربة هامة فى الإهتمام بالكيف ..فهو لا يسعى
كالمهرجان التجريبى مثلا للبحث عن الكم غير المفيد...ومن المفارقات أن نجاح مهرجان
الشوارع الخلفية يتوازى مع مهرجان دولى للعرائس أقيم فى نفس التوقيت بالأسكندرية
وأنسحبت عدة فرق أجنبية منه إحتجاجا على سوء التنظيم والفوضى وعدم صلاحية أماكن
الأقامة !!...وهنا تلعب الخبرة دورها ..فمهرجان الشوارع الخلفية هو إمتداد مكثف
لمهرجان الدول الأوربية ودول البحر المتوسط الذى بدأ منذ عام 2003 ...وكان يمكن
الإستعانة بخبرات د.محمود أبو دومة رئيس المهرجان وفريقه لإنقاذ المهرجان الدولى
للعرائس ...كما أن المهرجان يؤكد أهمية وضرورة ترشيد مهرجان المسرح التجريبى
القادم فى 2015 بالقاهرة ماليا وفنيا ..وإسناد إدارته لمن يملك الخبرة التراكمية
فى إدارة المهرجانات والحقيقة أنه رغم ما نشره (د.محمد الباجس ) فى صحيفة
( الأسبوع )عن كوارث إدارية وفساد مالى وغيره فى حملات
متتالية عن أكاديمية الفنون والتى أسهمت فى عدم التجديد لرئيسها السابق ..إلى أن
ما يدعو للفزع والدهشة أن نسمع أن وزير الثقافة قد وافق على أن يتولى نفس الشخص
رئاسة وإدارة المهرجان التجريبى بعد أن تم تغيير أسمه دون سبب مفهوم إلى مهرجان
المسرح الدولى !!! علامات إستفهام كثيرة ..ولكن المهرجان القادم معرض لكارثة أذا
أستمرت نفس السياسات وطريقة إدارة الأمور بوزارة الثقافة ..أمنحوا الخبز لخبازه .
طارق عبد الفتاح
خبير إعلامى
Tarekart64@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق