نشر في جريدة المشهد 19-25 اغسطس 2014
دراما رمضان هل كانت مؤامرة مخططة على العقل المصرى ؟
اليوتيوب يحذف حلقة من قناة الثقافية لأن الناقدة أنتقدت
مسلسل سراى عابدين الذى كتبته كويتية وأنتجته ال mbc...
وتحذف حلقة أخرى بسبب إنتقاد الضيوف لتشكيلة المجلس الوطنى للإعلام !
الكاتبة الكويتية والمنتج السعودى لم يرى من فترة
الخديوى إسماعيل الإ سريره ومغامرته الجنسية المزعومة !
الكارثة : هناك أجزاء جديدة من سرايا عابدين يجرى كتابتها الأن !
تشويه التاريخ يأتى من المنتج العربى وموجه لضرب أسرة محمد على وزعامة جمال
عبد الناصر!!
الكبير قوى يصف شعب تنزانيا المسلم بأنهم كفرة وآكلى
لحوم بشر !
مفاجأة : لا توجد أى رقابة على الفضائيات التابعة لوزارة
الإستثمار !
كلام من ورق يقدم تاريخا لداعرات مصريات يدربن اللبنانيات على الدعارة
...والعمل يشجع على الدعارة .!
برومو يتكرر 8 مرات يوميا يردد فيه ممثل يرتدى زى النساء
جملة ( أنا أتلعب فيا !!)
الحرام بيكسب أهوه !ويلعن ميتين أهلك ! وما تعمليش علاقات جنسية مجانا
!وأنا اتلعب فيا !! هذه بعض جمل الحوار !!
هل توجد مؤامرة على عقل المشاهد ووجدانه وعلى تاريخه وهويته أم أنه مجرد
إنحطاطا يرتدى ثوب الدراما !....
المائدة الرمضانية أتت محشوة بوجبات سامة وحوارات ركيكة
وإستخفاف بعقلية المشاهدين وبعد عن قضاياهم وعن أهداف ثورة يناير ..وثورة 30 يونيو .مليئة بالعنف
والعرى وتشويه التاريخ والترويج للدعارة أحيانا . وأبتعدت عن مناقشة وتحليل أسباب
الأرهاب والعنف والدماء التى تسيل كل يوم حتى الأن ..كما أبتعدت عن مشاكل الفقراء
والطبقة المتوسطة وأنهيارها ومعاناتها مع الغلاء وإرتفاع الأسعار ..الدراما هذا
العالم الإ فيما ندر أشبه بالمخدرات الدرامية التى سادت زمن مبارك ..عادت مرة أخرى
بشكل قبيح.
ولكى نفهم الصورة بوضوح علينا أن نـتأمل بعض العبارات الواردة
فى هذه الدراما !
الألفاظ الخارجة والعرى والترويج للدعارة !
كلام على ورق :
روجينا : أنا عملت علاقة مع أتنين وبين العلاقتين كان فيه 3 أو 4 علاقات مش
فاكرة !
حسين الأمام : مجانا ! أنتى لو كنتى أشتغلتى معايا كنتى عملتى من العلاقات
دى آلاف الدولارات !وحوش !
( فى نفس الوقت نرى فيلات وقصور الساقطات وسيارتهم الفخمة )
مشهد أخر :
روجينا : ( تدخل فيلا هيفاء وهبى الفخمة وتتطلع للفرش الوثير ) ..وتقول :
الله ما الحرام بيكسب أهوه ! أمال بيقول ما بيكسبش لية ؟
...........................................................................
مشهد أخر :
ماجد المصرى : أقولك نكتة ..واحدة بتقول واحد تعرف تعمل سحر !..قام نام
معاها وأختفى !!
أحمد زاهر : ههههههههههه
ماجد المصرى : تحب أعمل سحر معاك !!
مسلسل السبع وصايا :
الممثل زوج أيتن عامر يقول لها : يلعن ميتين أهلك !
مسلسل دلع البنات :
فادية عبد الغنى : وماله الراجل يعمل عملته ويلف عمته !
مسلسل السيدة الأولى ( العهدة على الفنان عمرو مصطفى فقط )
غادة عبد الرازق :( تشير إلى نهديها ..وتقول :...من العين دى قبل العين دى
!!)
سرايا عابدين :
مسلسل بالكامل يشوه تاريخ مصر
...ويقدم سيرة الخديوى إسماعيل من واقع غرفه نومه !
مسلسل فيفا أطاطا:
برومو يتكرر يوميا يقول فيه محمد سعد وهو مرتدى ملابس إمرأة ( أنا أتلعب
فيا !!) ...(أنا أتلعب فيا ) ...
تشويه التاريخ :
يتجلى فى عملين هما (سراى عابدين )
الذى قدم صورة مشوهة عن فترة حكم الخديوى إسماعيل . أكتفت الكاتبة الكويتية بتصوير
مغامرات الخديوى الجنسية ورصد علاقاته مع زوجاته وجواريه ..
تمت إستباحة تاريخنا فى فترتين من أزهى الفترات’.لقد أزدهرت الثقافة فى
فترة نهضة محمد على التى وصلت جيوشنا فيها إلى حدود فيينا !..أزدهرت الثقافة
والفنون زمن محمد على ..وزمن الخديوى إسماعيل حيث تم خفربقناة السويس ناء دار والأوبرا
وتطورت الصحافة والديمقراطية حيث أنشا المتحف ودار الكتب ..وسنت القوانين الوضعية
المستقاة من القانون الفرنسى والمعمول بها حتى الأن ..ومدرسة القانون ..ومدرسة دار العلوم ..لم ترى الكاتبة الكويتية
والمنتج السعودى الكبارى والمعمار المميز الجميل لأهم بنايات القاهرة ....فقط كان
كل ما يشغل الكاتبة الكويتية والمنتج السعودى هو مغامرات الخديوى الجنسية ! التى
لا نعرف من أين أتى بمصادره ..لم تخبرنا الكاتبة الكويتية كيف تكشف لها وحدها أسرار السرير الخاص بالخديوى؟...وهل
يلقى تاريخ محمد على الذى طارد الوهابيين وسحقهم بظلاله على أعمال درامية تريد
تشويه التاريخ وتلطيخه والإنتقام من هذه الفترة الزاهية من تاريخنا لإسباب سياسية
وتنفيسا عن عقد تاريخية ؟ ..نفس الأمر يتم مع مسلسل (صديق العمر) الذى يشوه فترة حكم عبد الناصر الذى أرى أن
مجرد إسناد دور الزعيم عبد الناصر للممثل المتواضع الموهبة جمال سليمان هو نوعا من
الإهانة لتاريخ عبد الناصر وشخصه !بالإضافة إلى الأخطاء فى تواريخ ثابتة
!...الإنتقام يتم من تاريخنا بإيدينا وممثلينا ومخرجينا وأحيانا نشارك بالإنتاج !!
مهزلة بكل المقاييس فالأخطاء التاريخية فادحة ...والرقابة والأمانة التاريخية
غائبتان ..أننا نسلم ليس فقط تاريخنا بل عقلنا لمن يريد
لنا الضياع والتمزق .
تشويه علاقتنا بأفريقيا :
فى الجزء الرابع من الكبير قوى يتم تصوير شعب تنزانيا الشقيق بأنهم
مجموعة من الهمج يضعون عظاما على رؤوسهم
ويأكلون لحوم البشر !..وعندما يعلم أحمد مكى أنه أكل لحما بشريا يصرخ قائلا :( يا كفرة !! ) ....شعب تنزانيا
صاحب الأغلبية المسلمة الذى تغلق فيه المحال وقت رفع أذان الصلاة طواعية لا جبرا
ويذهب المسلمون للصلاة فى المساجد ,,!نصفهم بأنهم كفرة ! وآكلى لحوم بشر ..يحدث
هذا مع تنزانيا التى هى أحدى دول حوض النيل ..وتمثل علاقتنا بها أهمية قصوى ..هى
قضية أمن قومى ..!!
العنف والقتل والدماء :
تشهد دراما رمضان أكبر جرعة من
العنف والقتل والإغتصاب والسرقة مع تقديم مشاهد مروعة ..أبن يربط والده بالحبل
ويشعل فيه النيران !..خادمة تشعل النيران فى ابنة مخدومتها !...ذبح بالسكين ..قتل
بالرصاص ..ضرب دماء تسيل من الأعمال الدرامية بل ومن برامج الكاميرا الخفية السمجة
..! صحيح أن المجتمع صارا عنيفا وزاد الإنفلات الأخلاقى فيه ولكن الدراما ليست
محاكاة حرفية للواقع !يجب أن تقدم الدراما تحليلا لأسباب العنف والدعارة والسقوط
الأخلاقى بهدف التنفير منها وتجنب أسبابها وليس بهدف الترويج للعنف والعرى والقتل
والإرهاب .ولعلنا نتألم حتى الأن لقتل حسنين لأخته نفيسة فى رواية نجيب مصر بداية
ونهاية سقوطها الأخلاقى ؟ولكننا مازلنا نفكر حتى الأن
هل الدفاع عن الشرف يستحق أن يقتل الأنسان من أجله ؟..وهل كانت نفيسة مجرمة
ومنحرفة بإرادتها أم كانت ضحية ضروف مجتمعية ظالمة
غياب الرقابة :
ويأتى تصريح السيد عبد الستار فتحى المشرف على الرقابة على المصنفات الفنية
الذى يؤكد فيه التالى (...أن أكثر من ثلثى الأعمال الدرامية التى عرضت فى رمضان
الماضى لم يتم عرضها على الرقابة وليس لنا أى رقابة أو سيطرة على على الفضائيات
التى تتبع وزارة الأستثمار !!!ونحن لا نملك القوانيين الى نستطيع معها توقيع
العقوبات !وأضاف أن الفضائيات تضرب عرض الحائط بكل شىء فى سبيل جلب الإعلانات !).
هذا تصريح كارثى معناه أن عقولنا تحت رحمة المنتج الخاص سواء أكان مصريا
أوعربيا أو أجنبيا !! ....وهذا المنتج الخاص لا يخضع للرقابة !والقضية ليست كما
يقول السيد عبد الستار أن الهدف من ورائه جلب الإعلانات ..فالقضية أخطر ..القضية
تتجسد فى الرغبة فى تدمير التاريخ...ويأتى تبييض وجه نظام مبارك وتلميعه هدفا
أضافيا !فمسلسل (المرافعة ) يقدم قصة مشابهه تتماس مع قصة هشام طلعت مصطفى ويبرىء
العمل رجل الأعمال المباركى ومسلسل (شمس) الذى شارك التليفزيون المصرى فى إنتاجه ...يقدم
لنا رجل أعمال نظام مبارك كملاك وقع عليه ظلما فادحا وسجن غدرا وظلما !وهكذا
تتوالى الأهداف الخبيثة...فمسلسل (كلام من ورق) أشبه بالتحريض على الدعارة كما
توضح العبارات فى مقدمة المقال ...كما أن العمل يقدم الفتيات المصريات وكأنهن يقودن ويعلمن فنون
الدعارة للبنانيات !
غياب إنتاج الدولة كارثة :
الكارثة الحقيقية تكمن فى غياب أو تعمد تغييب قطاع الإنتاج وصوت القاهرة
ومدينة الإنتاج الإعلامى عن الإنتاج الدرامى ! من عدة سنوات !لصالح الدراما
السورية ثم لصالح الدراما التركية .!
قمت بإجراء حوار تليفزيونى لبرنامج (أما بعد ) على قناة النيل الثقافية مع الناقدة
د.وفاء كمالو ..وأنتقدت مسلسل سراى عابدين ودقت ناقوس الخطر من أن هناك أجزاء أخرى
يتم الإعداد لها حاليا !!فكانت النتيجة أن قامت الجهة الإنتاجية السعودية بطلب
لحذف الحلقة من موقع اليوتيوب وتم بالفعل حذف الفقرة !! ...هذا الأمر تكرر أيضا مع
حلقة أخرى عن حرية الإعلام بعد إلغاء وزارة الإعلام .!ويبدو أن الرقابة تحكم
قبضتها والتراجع فى الحريات مسلسل درامى أخر مستمر !!
الأمر معناه أن من يحكم الأن عمل الدراما الرمضانية هو قوة المال والإنتاج
الخاص العربى والمصرى الخاص الذى ينفذ أجندات خاصة فى ظل غياب إنتاج الدولة .!!
ملامح الدراما الرمضانية :
ولكن دعونا نلقى نظرة على دراما رمضان وعودة الفنانيين !
أسترد الفنانون ما سلبهم أياه الإعلاميون على مدى ثلاثة أعوام ..فقد صار
الواقع بسبب ثورة 25 -30 يونيو أكثر درامية وأثارة فأنفض الناس عن المسلسلات
والأفلام وأدمنوا بر امج( التوك شو) ونشرات الأخبار ولكن يبدو أن الشعب هذا العام
مل ضجيج الساسة..وعادوا أملا فى الإستمتاع بالإعمال الدرامية التى تأخذهم لعوالم
مجهولة وأحيانا معلومة...ولكن تناول
المشاهدون وجبة درامية مسمومة! ..فأفكار المسلسلات وموضوعاتها معادة مكررة
وبعضها إستنساخا لدراما رمضان الماضى وأغلب المملثون لم يخرجوا من شخصيات العام
الماضى ! والمؤلفون يفصلون للنجوم أدوارا على المقاس ! ويزيد الوجبة المسمومة
برامج كاميرا خفية ملفقة ويعلم ضيوفها القصة ويخدعون المشاهد وبعضها يتسم بالفجاجة
والعنف والترويع ولعب العيال ! .. أختفت ثورة 25 يناير ومسارها الإصلاحى فى 30
يونيو من كل المسلسلات ! بل قدمت الثورة المضادة أوراق أعتمادها وتعالوا إلى رؤية
هذه الدراما بكل ما فيها من سلبيات ووجود إيجابيات محدودة ربما فى عمل واحد هو سجن
النساء ...الذى يمثل إستثناءا وسط كومة من السموم الدرامية!
سجن النساء :
تدخلنا السيناريست ( مريم نعوم)
مستندة إلى مسرحية الراحلة فتحية العسال إلى قلب هذه الشريحة المهملة إجتماعيا
ودراميا ! ..فنرى أحلاما مجهضة ونساء تركن الحياة الطبيعية رغما عنهن وأشتغلن فى
الدعارة قسرا !وأخريات عملن بتهريب المخدرات ! وأخريات سجن فقط لعدم قدرتهن على
تسديد قسط بوتاجاز ! ...العمل يتناول قطاعا كبيرا ربما بالملايين يعيشون بيننا فى
الأحياء الفقيرة والعشوائية ولا نراهم أو نتعمد الأ نراهم !يعيشون على هامش
المجتمع يصارعون يوميا فقط من أجل البقاء
على قيد الحياة !... ....تتقاطع الخيوط الدرامية فى العمل ولكن يجمعها نول واحد هو القهر والفقر والتهميش ... .. ومن
يتمسك بالاخلاق كالممسك بالجمر !...حاولت دلال الفتاة الفقيرة التى عملت بائعة
ملابس أن تقاوم السقوط ...لكنها أجبرت عليه إجبارا ! ...الحوار أكثر من رائع
وتركيبة كل جملة غزلت من بطن الأحياء العشوائية !مشهد لا أتصور أنه قدم من قبل
معبرا عن تردى الرعاية الصحية للفقراء وتكدس البشر للحصول على حق بسيط هو العلاج !
..... بمنهج الواقعية الوحشية ..مقابلا لمسرح القسوة.. تقدم لنا كاملة أبو ذكرى
مسلسل عن الواقع دون تجميل أو تهويل هى مخرجة الممثل ومخرجة المرأة ومخرجة الواقع
المرير !بعد (ذات ) تخطو خطوات أكثر نضجا فى هذا العمل الرائع ..هى مخرجة الأحاسيس
المعلنة والمكبوتة والمهدرة !
تضع كاملة كل ممثل فى الدور الذى يفجر أكبر طاقاته ! مع قدرة عجيبية على
إكتشاف الوجوه الجديدة وتحويلها إلى نجوم بعد عمل واحد!
...لكن ماذا يصنع عملا فنيا واحدا أمام طوفان التزييف والتشويه وغسل أدمغة
الشعب المصرى..بعد ثورتين ! مطلوب تحقيق معادلة الحفاظ على قيم المجتمع مع حماية
حرية المبدع ووضع حدود واضحة فاصلة للفرق بين العبث بالتاريخ وتشويهه ونفى وقائع
تاريخية ثابته .....مطلوب تفعيل دور قطاع الإنتاج وصوت القاهرة ..ومطلوب كسر
الشلليلة التى سيطرت على الوسط الفنى وأصبحت عائقا أمام ظهور المواهب الحقيقية فى
كل عناصر اللعبة الفنية .,مطلوب لجنة لدراسة وتقييم مستوى الأعمال الفنية قبل
وأثناء تصويرها وقبل إذاعتها ...مطلوب تخفيف جرعة العنف والقتل والعرى المستخدمة
للإثارة فليس هناك شباك تذاكر سينمائى ..مطلوب ثورة فنية وثورة ثقافية ...مطلوب
نجاح ثورة 25-30 يونيو فى تحقيق كامل أهدافها حتى تتحقق الثورة الثقافية الفنية .
طارق عبد الفتاح
خبير إعلامى
Tarekart64@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق