السبت، 5 يوليو 2014

دراما رمضان المسمومة !

دراما رمضان المسمومة ! 
أخيرا أسترد الفنانون ما سلبهم أياه الإعلاميون على مدى ثلاثة أعوام ..فقد صار الواقع بسبب ثورة 25 -30 يونيو أكثر درامية وأثارة فأنفض الناس عن المسلسلات والأفلام وأدمنوا بر امج( التوك شو) ونشرات الأخبار ولكن يبدو أن الشعب هذا العام مل ضجيج الساسة..وعادوا أملا فى الإستمتاع بالإعمال الدرامية التى تأخذهم لعوالم مجهولة ووأحيانامعلومة أيضا ...ولكن صدم المشاهدون فى وجبة درامية مسمومة ..فأفكار المسلسلات وموضوعاتها معادة مكررة وبعضها إستنساخا لدراما رمضان الماضى وأغلب المملثون لم يخرجوا من شخصيات العام الماضى ! والمؤلفون يفصلون للنجوم أدوارا على المقاس ! ويزيد الوجبة المسمومة برامج كاميرا خفية ملفقة ويعلم ضيوفها القصة ويخدعون المشاهد وبعضها يتسم بالفجاجة والعنف والترويع ولعب العيال ! .. أختفت ثورة 25 يناير ومسارها الإصلاحى فى 30 يونيو من كل المسلسلات ! والتاريخ البعيد نوعا يكتب دراميا من زوايا ضيقة ويقدم شروحا سياسية أشبه بالمحاضرات الجافة فى مسلسل صديق العمر !الذى لم يقنعنا فيه أداء جمال سليمان فى دور الزعيم عبد الناصر ..فهذا الدور أغلقه بالضبة والمفتاح الفنان العبقرى أحمد زكى ..وهذا العمل سيكون مؤلفه فى مأزق حال تقديم نهاية المشير سواء بإعتباره منتحرا أو مقتولا ..سيقع فى مشكل قانونى مع أسرة عامر وأسرة ناصر !وأذا لم يعالج النهاية سيكون قد خدع المشاهد .!  وهناك مسلسل السيدة الأولى الذى يهيم فى فضاء تاريخى موهوم .بلا معنى و( سرايا عابدين)  الذى أهتم بميكانزم القصر والجوارى وحياة الخديوى المليئة بالنساء ورغم ضخامة الإنتاج وروعة الملابس والإكسسوار والتصوير ولكنك ستجد نفسك متسائلا عن هدف المسلسل ؟ ومضمونه ؟ ستسأل هذا السؤال عن كثير من مسلسلات رمضان ؟ ولن تجد إجابة ؟ فى مسلسل (كلام على ورق )..يتفنن المخرج محمد سامى فى توليفة  الجريمة والإثارة الجنسية ..مؤكدا على ثنائية الجريمة والمرأة ..وهى أجواء عالجها فى (حكاية حياة )و(مع سبق الإصرار)..وهو مخرج متميز بلاشك ولكن عليه أن يختار سيناريوهات جديدة ويخرج من حصار الأثارة والتشويق ومن تقديم بهارات دون وجود الوجبة الإساسية !! فى نهاية المارثون  الرمضانى الدرامى نجد (سجن النساء )عن مسرحية الكاتبة فتحية العسال وهو عمل جدير بالمشاهدة حيث نسجت السيناريست مريم نعوم وهالة الزغندى من المسرحية عملا دراميا يغوص فى أعماق الطبقة المهمشة والعشوائية فى مجتمعنا وأمتدت بالسجن لكل أنواع السجن المجتمعى التى تحاصر المرأة المصرية من الطبقة الدنيا ..والمخرجة كاملة أبو ذكرى تستكمل مشوار غوصها العميق فى قضايا المرأة إخراجيا بعد تقديمها المسلسل الناجح (ذات) فى العام الماضى ...سجن النساء مسلسل عن القهر الواقع على المرأة ومدت المؤلفة والسيناريست الخط على إمتداده ليتناول العمل قضايا طبقة مهمشة ومسحوقة وبطلنا سائق ميكروباس يتطلع للخلاص 
من فقره بأى وسيلة
 وكتب الممثل الشاب أحمد داود شهادة ميلاد رائعة فى أدائه للدور..ويتعمق المسلسل أكثر فى فئة النساء من الموظفات الى بائعات المحال إلى بائعات الهوى من الدرجة الثالثة فى علب الليل الحقيرة . مستعرضة كيف يسحق الفقر أدمية الإنسان ويحيله وحشا وكيف ينسحق الحب ويضيع وتهدر الأحلام بسبب العوز والفقر .. وتواصل نيللى كريم تألقها .. وفريق العمل كله يستحق التقدير والمخرجة كاملة أو ذكرى هى مخرجة ممثل تحبه وتستطيع أن تخرج أفضل ما لديه كما أن أختيارها للممثلين يعبر عن دقة فى أختيار كل ممثل فى الدور الذى يبدع فيه والأقرب لشخصيته ..كما أن الكاميرا فى يدها ريشة معبرة وكل كدر يعبر بحساسية عالية عن قدراتها كمخرجة وفهمها العميق لمشكلات المرأة فى مجتمعنا .
لكن المائدة الرمضانية رغم ذلك محشوة بوجبات سامة ودراما ركيكة وإستخفاف بعقلية المشاهدين وبعد عن قضاياهم وعن أهداف  ثورة يناير ..وثورة 30 يونيو .. وعن الإرهاب والعنف والدماء التى تسيل كل يوم حتى الأن ..وعن مشاكل الفقراء والطبقة المتوسطة وأنهيارها ومعاناتها مع الغلاء وإرتفاع الأسعار ..الدراما هذا العالم الإ فيما ندر أشبه بالمخدرات الدرامية التى سادت زمن مبارك ..عادت مرة أخرى بشكل قبيح ....أقتربوا من قضايا وهموم الناس وأهدافهم ومن ثوارت الشعب المصرى يرحكمكم التاريخ والشعب .

طارق عبد الفتاح
خبير إعلامى

Tarekart64@hotmail.com



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق