الخميس، 8 مايو 2014

دالاس والفلس الدرامى !

نشر في جريدة الآسبوع 5مايو 2014


 دالاس والفلس الدرامى !

تعاطفت مع المليونير (بوب ) الأخ الطيب ل ( جى .أر ) المليونير الشرير ..عندما ( أتزنق ) فى كام مليون دولار !! وتمنيت بكل مشاعرى الطيبة أن يجتاز أزمته المالية ! 

يقول الأستاذ عبد الفتاح سليمان (الموجه بالتربية والتعليم سابقا ) لقد بلغ التكنيك والإخراج والأداء حدا من الإتقان جعلنى أنا المطحون المحدود الدخل أتعاطف مع مليونير لأنه فى حاجة إلى بضعة ملايين من الدولارات يواجه بها إلتزاماته ويستكمل مشروعاته ليراكم مزيدا من الثروات والملايين ! كما ترسب فى وجدانى مفهوم هو أن النظام الرأسمالى يمكن أن يفرز المليونير الطيب والمليونير الشرير ! فتضخم المال وتراكمه فى يد فرد لا يعنى بالضرورة أن تتخلق لديه نزعة للسيطرة والتسلط والجشع والفساد والإفساد وشراء الضمائر والذمم ..ففى مقابل (جى أر) المليونير الشرير يوجد بوب المليونير المحبوب الصادق الخير البسيط النزيه النظيف !
والخطير تماما أن الشخصية الرئيسية (جى أر) ليست شخصية بغيضة أو مكروهة للمشاهد فهى تقدم بطريقة تجعلك تقول ( يا أبن الأية ...) أو ( ده ولد محصلشى !) والممثل الذى يقدم الدور تم يحمل وجها بريئا ومبتسما إبتسامة حلوه كما أن الشخصية رسمها المؤلف بحيث تتقبل الهزيمة بهدوء كما أنه يستخدم أسلوبا ناعما ذكيا فى إخضاع الظروف والناس لصالحه الشخصى .
وفى مسلسل (فلامنجو رود ) أعجبت ب (فيلد ) السناتور الأمريكى الشاب لأنه رفض أن يخاطب جمهور الناخبين من خلال خطاب سبق إعداده وأثر أن يرتجل بضع عبارات بسيطة وأعجبت به لأنه رفض وصاية حماه عليه وتسلط المأمور( تيتوس ) عليه ولكن لم اسأل نفسي ماهو برنامجه السياسي؟ إلي أى جانب يقف؟.ومن هم الذين يمثل مصالحهم ؟وماهي هذه المصالح ؟ ولم أسال نفسي من هو الأصلح ؟ ولماذا هو الأصلح ألانه ذكي ألانه ناجح ألانه وسيم ؟ ألانه من عائلة طيبة ؟ وعلي الرغم من أن ( كريستينا) زوجة السناتور فيلد شخصية رديئة وشريرة وأنانيه وخائنة لزوجها الإ أنها ليست شخصية بغيطه ومكروهه و المشاهد أيضا يمكن أن يتعاطف معها لجمالها أو لذكائها أو لوجود مبررات لسلوكها كخيانة زوجها لها وإهماله وإنصرافه عنها.. فتجميل الشخصية الشريرة وجعلها مقبولة أعده أمرا خطيراوبصورة عامه في معظم الأفلام والمسلسلات الامريكية نلحظ تركيزا علي عدة إتجاهات ومفاهيم وقيم معينة : المال يكاد يكون قيمة مطلقة وهو قيمة في ذاته فالعاهرة يمكن أن تكون محترمة ومقبوله إجتماعيا طالما كانت غنية والمجرم تفتح أمامه ابواب المجتمع ويحظي بإحترام وهيبه ويقيم صلات بأعلي المستويات في السلطة طالما كان غنيا – والنجاح قيمة بصرف النظر عن الوسيله أو الوسائل التي توصل للنجاح سواء كانت وسائل مشروعه أو غير مشروعه – الإتجاه الفردي الصارخ أنا ومن بعدى الطوفان – تقييم كل شئ بالدولار لاشئ يقدم بلا مقابل ..الخدمة لها ثمن – المساعدة أي لون من المساعدة لها ثمن حتي الإنسان يمكن أن يسعر ويثمن . أنني علي قدر من الوعي – القدر الذي يتيح لي أن أكشف زيف أو صدق العمل الفني ومضمونه ولكن الشكل المتطور للمسلسل الامريكي يخدعني أحيانا وأجد نفسي مشدودا ومعجبا ومتابعا لأبطال الجريمة! معجب بالذكاء الحاد الذي تتسم به عمليات التخطيط والتنفيذ والتموين و بالشجاعة الخارقة وهدوء الأعصاب في أحرج المواقف وأشدها تأزما .. بتوظيف أعقد وأحدث ما أنتجته التكنولوجيا المتقدمة من أدوات في أرتكاب الجريمة .أن المؤثرات التي تمتلىء بها المسلسلات الأمريكية سلمني إلي لون من الخد ر اللذيذ حيث البذخ المذهل والعربات الفارهة وحمامات السباحة الخاصة و الموائد الشهية والخمور المعتقة والنساء الفاتنات اللائي يجدن كل ألوان الإغراء .. الموسيقي الثائرة أو الحالمة .. الحياة الناعمة كلها تشكل تخديرا للمشاهد !أنني أجد في المسلسل حلا لمشكلاتي وللضغوط الإقتصادية التي أعانيها فأحلم بالهجرة! أو أن أكون واحدا من هؤلاء الأبطال (العظام ) أنا الذى عشت حياتى كلها مسالما لم أحمل عصا أعاقب بها أو حتى أهدد بها تلاميذي المشاغبين ! ولكنني أجد خطورة في إلحاح هذه المسلسلات علي عقل ووجدان المشاهد...
أنتهت مقال والدى الموجه بالتربية والتعليم ..وأحمد الله أن الله تغمده برحمته قبل أن يرى سيل المسلسلات التركية التافهة وقبل أن يرى توقف قطاع الإنتاج وصوت القاهرة ومدينة الإنتاج عن الإنتاج الدرامى الذى كان يمثل حائط صد أول ضد الغزو الثقافى الغربى !
ولهذا المقال أهميته مع موجة إعادة المسلسلات لرجال الأمريكية على شاشات القنوات الخاصة المملوكة أيضا لرجال الإعمال والمليونيرات المصريين.

 طارق عبد الفتاح
خبير إعلامى
Tarekart64@hotmail.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق