الجمعة، 18 أبريل 2014

زيارة السيدة العجوز!


نشر في جريدة الدستور 18 أبريل 2014


زيارة السيدة العجوز!

زارت  البارونة كاثرين آشتون مفوضة الإتحاد الأوروبى مصر بعد ثورة 25 يناير 2011 عشر مرات أربع منها بعد ثورة 30 يونيو ! و الزيارة الأخيرة هى المرة الأولى التى لا تقوم فيها بلقاء ما يسمى بتحالف دعم (الشر- عية ) ! فلم يعد الأمر مقبولا بعد إصدار الحكومة مرسوم قانون بإعتبار جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا . الزيارة نفسها وسابقاتها تضع علامات إستفهام كثيرة حول تدخل أوروبا وأمريكا فى الشأن المصرى منذ رفض تمويل مشروع السد العالى وخروج مصر من تبعية المعسكر الغربى ثم إرتمائها ثانية فى أحضان الغرب الأمريكى فترتى حكم( السادات- مبارك )  التى يعتبرها البعض ومنهم المفكر سمير أمين فترة تاريخية واحدة والقضية تطرح سؤال الإستقلال الوطنى مجددا ..فالغرب فزع عندما وجد أن لغة الفريق السيسى أختلفت مع القيادة الأمريكية ! فهى ليست لغة السمع والطاعة التى تعودوا عليها عقودا متتالية ..

 السيسى هو جماع لشخصيات عبدالناصر والسادات يضاف  إليهما ذكاء رجل المخابرات وغموضه ..وقد  أربك المشير الجميع وقلب حساباتهم ..ووضع الخطوط الحمراء التى لا يجب أن يتجاوزها الجانب الأمريكى فى تعامله مع القوات المسلحة ومع مصر !وكان لهذا تباعاته من تخفيض المساعدات العسكرية ..ولكن هل تحتاج مصر إلى نفس نمط  العلاقات مع أمريكا وأوروبا ؟ الإجابة بكل تأكيد لا ...ولكن هل تحتاج مصر أن تكون أكثر مناورة فى التعامل مع الغرب وأمريكا ..الإجابة ستكون نعم ... وهنا تبرز أهمية أن تغير وزراة الخارجية  من سياساتها حتى تتناسب وطبيعة المرحلة الدقيقة التى تمر بها مصر .
يجمع المحللون السياسيون أن الهدف من زيارة آشتون الأخيرة هو حجز مكان ثابت لجماعة الإخوان فى المشهد السياسى ....وأختبار إمكانية المصالحة معهم.. والإستفسار عن الحكم القضائى الخاص بتحويل أوراق 529 إخوانيا  للإعدام ! هذا الحكم المريب الذى قدم أجمل هدية للجماعة الإرهابية فى توقيت خطير ! هذا ما تريده السيدة العجوز من مصر ...ولكن ماذا تريد مصر من الإتحاد الأوروبى ؟أولا أن يتميز الموقف الأوروبى عن الموقف  الأمريكى المنحاز للإخوان ..ثانيا أن تعترف أوروبا بخارطة الطريق وأن يتأكد العالم أن ما جرى فى مصر ثورة شعبية عظيمة أيدها وساندها الجيش ... لهذا ستوافق مصر على إشراف دولى على الإنتخابات الرئاسية ..وستقبل بعد 30 يونيو على مضض زيارات السيدة العجوز ! ولكنها لن تسمح لها بتدخل واضح يأخذ مجراه على الأرض ..أننا نناور معهم ونعطيهم الإحساس بأنهم يتابعون ويراقبون وربما يوجهون وأننا مطيعون تماما كما تدير إيران ملفها النووى مع الغرب وأمريكا بدهاء عظيم !..والأمر الذى أتصوره أننا فى مركب والأمواج متلاطمة والعاصفة قوية وأننا نناور حتى نصل لشاطىء رئاسى وبرلمانى ..دون أن تغرق السفينة وبعدها ..ستختلف أمورا كثيرة .

طارق عبد الفتاح
خبير إعلامى
Tarekart64@hotmail.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق