بعد الأن عمل فنى ينعى
الأنسان ضحية التطور والعولمة !
الإنسان سجين
الإنترنت وضحية الرأسمالية فى عرض راقص !
مهرجان الربيع ينعى
الإنسان المعاصر فى عرض غنائى راقص !
فى إطار مهرجان الربيع
الذى تنظمه مؤسسة المورد الثقافى بالقاهرة (من 20 أبريل – 16 مايو )قدمت فرقة (دوركى
بارك ومسرح هيبيل ) فى برلين عرض( بعد الأن) على مسر الفلكى تصميم الرقصات
والإخراج للأرجنتينية( كونستانزا ماكراس ).
بعد الأن عرض موسيقى غنائى تعبيرى حركى ينعى
العصرية والحداثة القاتلة التى جعلتنا سجناء داخل أنفسنا فصارت المنازل زنزاين وصرنا كائنات إفتراضية
داخل عوالم مزيفة يحكمها الإنترنت وغرفات المحادثة ..الأنسان محاصر داخل جدران
المنزل يتناول وجبات ( الدليفرى) السريعة ويمارس الجنس بنفس الطريقة فلا وقت لديه !فلا
يهم ماذا سيأكل ولا مع من سيمارس الجنس !
عبر شاشة ( السكايب) تخبرنا
سيدة يابانية أن حكومتها منعت أخذ عينات
تحليل البول لتخفى نسبة التلوث الإشعاعى فى فوكوشيما! الحكومة تؤكد أنها تبذل
قصارى جهدها !ولكنها تخفى إمكانية إنجاب أطفال برأسين يشبهون الوحوش ولكنها وحوش
مسالمة!! نفس الكارثة فى روسيا فالأطفال
يولدون مصابين بالسرطان بسبب كارثة تشرنوبيل !لا أمل فى عالمنا ... عولمة متوحشة
أهدت الأنسان التطور التكنولوجى وسلبته
الصحة والطمأنينة وجردته من إنسانيته 

تحكى سيدة فيما يشبه
العبث أنها سعيدة لأنها ستدعى لحفل حيث الموسيقى والرقص والكافيار وهناك ستسكر حتى
الإعياء وسوف تتقيأ أمام الجميع وستتظاهر
بأنها لا ترى زملاء العمل !
و ربما تقابل رجلا
يدعوها لمنزله وتمارس معه الجنس فتنجب منه طفلا !تقوم برضاعته لمدة 5 سنوات!! بعدها
سيتوقف الرجل عن ممارسة الجنس معها و بعد 10 سنوات أخرى سيتركها أبنها ليعيش مع أهل الفتاة التى أرتبط بها بينما
سيتخلى عنها هذا الرجل! .. وفى النهاية ستكون وحيدة !وربما تذهب للبارات وتمارس الجنس مع الجميع !
يالها من حياة رائعة تلك التى نحياها !
بدأ العرض بسيدة تهتز
مع الإضاءة والموسيقى فى إرتعاشات مرضية يتخيل المشاهد أن السيدة عمرها 70 عاما ..
مع زيادة الإضاءة نكتشف أننا أمام شابه حسناء لم تتعدى 30 عاما ولكن شوهتها الحياة المعاصرة وأصابتها بأمراض نفسية
متعددة !تفشل فى أغتصاب عامل يأتى لمنزلها فتخبره عن قائمة بأسماء أدوية المهدئات
التى تتعاطها !
تستقبل زميلتها فى
الغرفة عامل الدليفرى.. وترقص معه فى إستربتيز ينتهى بممارسة الجنس !
لقد تحول الجنس إلى عمل
يشبه طلب بيتزا بالتليفون .!... لا وقت للحب! الكل مسحوق فى آلة العولمة
والرأسمالية المتوحشة التى تشبه وحشا أسطوريا مفترس له ألف رأس كرؤوس أطفال فوكوشيما
المسالمين البؤساء !
يبدو الحب فى أغانى
العرض كحلم خيالى وخرافى !.. ويزداد الخواء الروحى مع لعبة الأفلام .....السيدتان
تقيمان فى المنزل وتتسليان بتقليد بعض النجمات فى أشهر أفلامهن وتحاول كلا منهن
معرفة إسم البطلة وإسم الفيلم ! لقد حولتنا العولمة إلى كائنات إستهلاكية منهكة
وفارغة !فنجد الأبطال داخل فاترينة أوتأتينا
إطلالتهم من شاشات السكايب والشات وهو تعبير دقيق عن تسليع الإنسان فى سوبر ماركت
كبير تحكمه قوى لا ترحم ... الكل سلعة وتعظيم الربح هو القيمة الأعلى !
فى هذا العرض الموسيقى
الغنائى الراقص لا مكان للمشاعر أبدا لا مكان للحب لا وجود للإنسان نفسه !....
الحياة تدور مع دوران القرص الكبير على خشبة لمسرح ومع ذلك نرقص بلا توقف ونؤدى كل شىء بآلية واضحة
..الجنس مجموعة حركات رياضية ممنهجة بلا أى مشاعر ... التواصل المبتوريتم فقط عبر
الزجاج والشاشات والفاترينات !لا يوجد لقاء إنسانى حقيقى .. ... حتى هذا المقال
أكتبه لكم مستخدما تقنيات عزل الإنسان وحصاره !..لن أذهب للجريدة سأرسله من داخل
غرفة منزلى وأنا أتناول قطعة بيتزا بلا طعم !
طارق عبد الفتاح
tarekart64@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق