الجمعة، 28 أكتوبر 2016

المهرجان القومي للسينما

المهرجان القومي للسينما

بعد أن تم احتكار السوق السينمائية لصالح منتج واحد ،وأصبح متحكما في تشكيل عقل ووجدان الناس  ببضاعة  فاسدة ومغرضة ، وبعد ضرب قطاع الإنتاج الدرامي منذ عدة عقود ،واحتكار بضع شركات سعودية وخليجية لصناعة الطرب المصري ،وتوقيعها عقود احتكار لكبار مطربينا مع عدم إنتاج أية أعمال لهم !بالإضافة إلي سرقة تراثنا الثقافي والفني والسينمائي وبيعه ، لفضائيات خليجية وإسرائيلية وهكذا أحكم الحصار الخطير ، المضاف إليه تردي العملية التعليمية بشكل عام ،وبشكل خاص في أكاديمية الفنون ومعاهدها الفنية ،وهكذا نري إنفرادا من تجار الخردة واللحوم بصناعة العقل والوعي والفكر ،مع انسحاب شامل للدولة ، يأتي المهرجان القومي للسينما بأفلامه الروائية القصيرة والتسجيلية ، كنسمة هواء في مناخ شديد الحرارة ،ونري أن أفلاما تحررت من قبضة المنتج المشبوهة الموجهة لإغراض غامضة ،أو لتحقيق أرباحا فوق أي قيمة فنية ، في فيلم (نازلين التحرير ) يغوص مخرجه سميح منسي في ميادين ثورة 25 يناير ، ليقبض علي لحظة تاريخية ، صرفت ملايين الدولارات من قوي الثورة المضادة لمحوها من الذاكرة الوطنية ،والفيلم ينتهي وهو يصدر إليك الإحساس بأن القصة لم تكتمل وبأنها تحتاج لجز ثان من الفيلم ، فالثورة نفسها لم تكتمل، هكذا تم إجهاض الحلم الجماعي في التغيير ، بينما تنجح زينب في تحقيق حلمها الفردي ، والقفز فوق واقعها المكبل ،في بيئة صعيدية حددت منذ قرون واجبات معينة للمرأة ،ولكن بساطة الحلم وصدق زينب وتصوير وموسيقي الفيلم والإخراج ، دفعوا المشاهد للتأثر ،فقد صارت الأحلام عسيرة رغم بساطتها ، فما نسميه أحلاما في واقعنا العربي كله ، هو حقوق إنسان أساسية يحصل عليها المواطن في كل العالم ونحرم ونناضل نحن من أجلها ، هكذا منحت إدارة المهرجان الجائزة الأولي لفيلم الحلم الفردي زينب ومخرجه مراد السيد ،وربما حجبت الجوائز عن فيلم الحلم الجماعي لأسباب سياسية فقد صارت الثورة الآن ويا للعجب في قفص الاتهام !ويقضي شبابها أحكاما قضائية بالسجن !، ثم يكشف فيلم آه عن العنصرية ، وعن أهمية أن تكون إنسانا قبل أن تعتنق أي مذهب أو دين ، وبلغة سينمائية عالية الاحترافية ومكثفه وسريعة الإيقاع ،وناجية من المباشرة وإلقاء الحكم والمواعظ ،ولا أدري كيف لم يحصل العمل ومخرجه علي أي جوائز!مهند دياب مخرج العمل قدم لغة سينمائية تستحق الإشادة ، بينما يقدم أمير رمسيس فيلمين مهمين ، يكشفان باعترافات زعماء الحركات الأصولية المتطرفة ،عن فساد هذه الجماعات ،ودمويتها واستغلال قيادتها لقواعدها ،بل وجنون بعض قياداتها ،وأوهامهم عن
أنفسهم بأنهم أنبياء تتنزل عليهم الملائكة !والميزة الحقيقية أن هذا الكشف يأتي من كلامهم ومن اعترافاتهم ومن قناعاتهم ، كما يأتي فيلم حار جاف صيفا ، ليؤكد علي فكرة عزلة الإنسان  في القاهرة الملوثة والخانقة والتي انتشر فيها السرطان انتشار النار في الهشيم ، فمريض السرطان يشفي فقط بجرعه بسيطة من الأمل والحب المتوهم !والممثل الذي أدي الدور كان مستحقا لجائزة تمثيل ، ولكن يبدو أن جوائز المهرجان ، لها معايير خاصة وربما يحتكرها الممثل المشهور فقط ! ومن غير المفهوم في حفلات افتتاح وختام المهرجان القومي للسينما أو مهرجان المسرح التجريبي وغيره من المهرجانات ، هو الإصرار علي تقديم عروض راقصة هزيله !في الوقت الذي توجد لدينا فرق رقص محترفة وعريقة ومتخصصة  تابعة لدار الأوبرا المصرية .
علي وزارة الثقافة ممثلة في المركز القومي للسينما ،وصندوق التنمية الثقافية والإدارة العامة للثقافة السينمائية بهيئة قصور الثقافة أن يلعبوا أدوارا أكبر وأكثر حقيقية في دعم مادي كامل  لهذه الأفلام وانتقاء المواهب والسيناريوهات المتميزة وتخصيص دور عرض سينمائي تعرض الأفلام القصيرة والتسجيلية فقط ، مع فرض عرض هذه الأفلام قبل الأفلام الروائية الطويلة ،أن سياسة دعم المهرجانات الاحتفالية للسينما ،دون وجود صناعة سينما قوية وحقيقية ودون حتى إنتاج سينمائي مشرف هي كوميديا سوداء لا يجب أن تمتد من زمن فاروق حسني إلي زمن النمنم .!

طارق عبد الفتاح
خبير إعلامي

Tarekart64@hotmail.com

هناك تعليق واحد:

  1. المهرجان السينيمائي دائما يبهرنا بالعديد من الأعمال الفنية الرائعة وخاصة مجموعة متميزة من افلام تليفزيونية
    مختارة

    ردحذف