كم ينفق المصريون
علي التعليم؟
حصل د,عبد الخالق فاروق الخبير
الاقتصادي علي جائزة الدولة التشجيعية عن هذه
الدراسة التي تكشف الأعباء المهولة التي أثقلت كاهل الأسر المصرية عبر عدة
عقود ، توضح الدراسة أن حجم الإنفاق العائلي علي التعليم هو ضعف الإنفاق الحكومي ،
،وتكشف كيف زحفت حشرات الرأسمالية الطفيلية وقضت علي مفهوم مجانية التعليم الذي
ناضلت أجيال لتحقيقه ،حتى أن جامعاتنا الحكومية اخترعت أقساما خاصة لتحصيل آلاف الجنيهات ! ويرصد
الكتاب الفترات التي تلازمت فيها النهضة
الشاملة للأمة المصرية بقيام وتأسيس نهضة تعليمية حقيقية ، فكان عهد محمد علي هو
بداية النهضة التعليمية الحديثة وتأسست فيه نحو 1500 مدرسة ، لينخفض هذا العدد في عهدي الخديوي سعيد وعباس
إلي 114 مدرسه فقط !ثم تزداد لتصل إلي أكثر من 4500 مدرسة في عهد الخديوي إسماعيل
،من ضمنها أول مدرسة لتعليم البنات وهي
مدرسة السنية ،ثم تتراجع المنظومة التعليمية مع انكسار تجربة الخديوي إسماعيل وبعد
وأثناء الاحتلال البريطاني لمصر ،ثم نري طفرة جديدة في عهد سعد زغلول والنحاس وحكومات الوفد بقيادة طه حسين ،واشتراطه أن
تمتد المجانية للمرحلة الثانوية لكي يقبل وزارة المعارف ، ثم يأتي عبد الناصر ليقر
مجانية التعليم في المرحلة الجامعية ،ثم ينهار التعليم مجددا مع هزيمة 67 ومع تبني
سياسات الانفتاح الاقتصادي ، وتحول التعليم لسلعة ،والأتساع الرهيب للمدارس
والجامعات الخاصة بأنواعها المختلفة ،وغياب
الرقابة التعليمية الحقيقية عليها ،مع
تدني وتدهور أجر المعلم ومناهج التدريس والأبنية التعليمية ! وانتشار السوق السوداء التعليمية وانهيار
القيم المجتمعية بشكل عام ، حتي وصلت أجيال حاصلة علي شهادات جامعية وتعاني الأمية
الحقيقية في مجالات تخصصها لمراكز صنع القرار! ، فلا عجب أن تسقط البنايات الجديدة
بينما القديمة تظل سليمة ،ولم يكن غريبا أن تتردي مستويات العلاج في جميع
المستشفيات والعيادات ، وكان طبيعيا أن يخترق الأزهر من الجهلاء والمتطرفين والسلفين فتغيب رسالته
الوسطية,
ولم يكن عجيبا أن تتدهور الثقافة
والفنون ، فلا تجد سينما أو مسرحا أو فنا حقيقيا ،بعد أن سيطر تجار الخردة واللحوم
علي عقل ووجدان الأمة! ولم يكن غريبا أن نجد وزيرا للتعليم ووزير سابقا للثقافة ورئيسا لمجلس النواب وهم جميعا لا يجيدون قواعد اللغة العربية والإملاء!ولم يكن عجيبا أن يلحق العوار
بالمؤسسة القضائية ،فعندما تهمل أمه التعليم فأنها تحكم علي نفسها بالعودة للعصور
المظلمة ، ولنتأمل كلمات ( فيكتور شيا)
وهو خبير تعليمي من كوريا الجنوبية التي نهضت من الحضيض بفضل التعليم
والقضاء علي الفساد، حيث يقول ( لا توجد دولة تتحمل إنتاج جيل كامل دون تعليم جيد
، فهذا الجيل سيدمر الدولة داخليا لتتفتت وتفقد وجودها ، الشرق الأوسط أهمل
التعليم
والآن يدفع الثمن .).
طارق عبد الفتاح
خبير إعلامي
Tarekart64@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق