الثلاثاء، 9 ديسمبر 2014

الشحرورة أسطورة الفن والفرح

نشر في جريدة  8 الآسبوع ديسمبر2014

الشحرورة أسطورة الفن والفرح

تتركنا الشحرورة لداعش !!فعاشقة الفن والحياة والفرح لا تناسبها أجواء الدمار والإرهاب والكراهية ...العجيب أن  نفر تلقى نبأ موتها بسخرية من طول عمرها! ..وكأن أى منا لا يتمنى أن يعيش ويعمر ! ولكن صباح كانت تعرف كيف تعيش ...ولعل هذا يفسر شماتة وسخرية الأحياء الموتى منها ! صباح يحق لها أن تستعير عبارة يوسف وهبى( عشت الف عام )..لأن تجاربها فى الحياة وعطائها الفنى..هى دروس ليس فقط لشباب الفنانين ولكن أيضا لكل أنسان عن فن الإستمتاع بالحياة !أو كيف تتعامل مع حياتك !فنحن نعيش حياة مملة نضيعها غالبا فى الكراهية وفى إنتظار الترقية ! وفى جلب المال !ويطحننا القلق المدمر خوفا على صحتنا وأولادنا نعيش اليوم نفكر كيف سيكون الغد فلا نستمتع باليوم أو الغد معا ! الشحرورة ترحل بعد ما حل الخراب بالوطن العربى الذى تغنت بحبه ووحدته وعظمته (وطنى حبيبى الوطن الأكبر ) ..تتركنا العصفورة الجميلة بعدما سكن الغربان الأوطان ورحلت العصافير وحاصرتنا  التفجيرات وأختنق الحب...رحلت وكانت وصيتها لنا ( أفرحوا ) ووفق صفحة على فايسبوك تديرها أبنة شقيقتها كلود عقل كتبت أن صباح ( أوصت محبّيها بأن يكون يوم تشييعها يوماً للفرح يرقصون فيه ويدبكون. ).....هى  أكثرنا وعيا بقيمة الحياة وبأهمية أن نفرح ..لقد عانقت الحياة عناق العشاق المخلصين وذابت عشقا فى الفن والحب ...ولم تلقى بالا بسخرية وإنتقادات الناس الفارغين ..فالبشر يكونوا سيئين عادة بسبب الملل! كما يقول الكاتب العظيم (تشيكوف) ..وصباح لم يكن فى حياتها لحظة ملل أو إنكسار ...كانت تخرج من أزماتها الخاصة والقاتلة ومن خيانات ومن جرائم لأقرب المقربين منها فى حقها وحق من أحبت أقوى مما كانت ...فالحياة أغلى نعم الله التى وهبنا ويجب أن تعاش ..وكل لحظة هاربة لن تعود وعلينا أن نستغلها ...تزوجت صباح تسع مرات وكان أغلبهم أصغر منها سنا ولم تبالى بإنتقادات الحاسدين والحاقدين ....لقد أخذت من الحياة كل ما تتمنى ..فن ومجد وشهرة وحب الجماهير وأبناء ومنحتنا السعادة والمحبة ..وعلمتنا وحرضتنا على عشق الحياة !
.ليت وطنى يلفظ الإرهاب ويطرد الغربان ويعشق الحياة كما علمتنا رسولة الفن والحب دروس الحياة صباح ترحل عن 87 سنة، تاركة للتاريخ أكثر من ثلاثة آلاف أغنية و83 فيلماً و27 مسرحية والأهم فى تقديرى تركت لنا درسا هاما عن كيف نعيش ...فالشرقى ما أن يصل للأربعين من عمره حتى يتشرنق ويشيخ فجأة ويستسلم لفكرة الموت القادم نحوه ويستسلم ويهمل فى كل شىء !!
أننا نضيع حياتنا فى معارك وهمية كثيرة ونستزف أنفسنا بحثا عن أوهام وتترك فينا الحياة آلاما نبالغ فى تضخيمها حتى تبتلعنا !!ولا ننسى أبدا أوجاعنا ويستمتع بعضنا بدور الضحية ..ويضيع أكثرنا حياته فيما يتصوره إنتقاما !...ويفسد بعضنا حياته بالنفاق الرخيص فيحط من كرامته ويسمح بعضنا للهزائم أن تقتلعه ...! وفى لحظة ما نكتشف أن عمرنا سرق ..ولكن الحقيقة أننا أضعناه هباءا ...ولم نتعلم من الشحرورة أن الحياة أغلى عطايا الرب وأن التفريط فى بعضها إنتحارا جزئيا !........سيمنحنا موت الأسطورة حيوات جديدة ولعل فنها يطهر نفوسنا وأرواحنا من أحقادها ويعيدها لمعنى الحياة الحقيقى ..وهو الحب والإبداع !
الأسطورة صباح أسمها الحقيقى جانيت جرجس فغالى عرفت بالتواضع والإبتسامة الدائمة ...غنت على كبرى المسارح العالمية  وتعد ثاني فنانة عربية بعد أم كلثوم تغني على مسرح الأولمبيا في باريسوشاركت في الكثير من المهرجانات العربية والعالمية ولمعت فى كل أنواع الغناء ولا سيما المواويل التى أدتها فى ثنائية رائعة خاصة مع العملاق وديع الصافى ...حققت وصيتها فقهرت الحزن وأستجاب محبيها لوصيتها فكان وداعها فرحا وبالدبكة وبدون مراسم تمثيلية زائفة .. أرتبطت بالجنازات والعزاء.
عانقوا الحياة وأحبوا وأبدعوا وأفرحوا .
طارق عبد الفتاح
خبير إعلامى

Tarekart64@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق