لقد جئنا كأصدقاء
لمهرجان السينما !
(لقد جئنا كأصدقاء)
فيلم تسجيلى فرنسى ..إخراج (هيوبرت سايوبر) وهو ضمن المسابقة الدولية للمهرجان ويعرض للمرة
الأولى فى الوطن العربى وأفريقيا ..ومدته 105 دقيقة .........والحقيقية الفيلم
يقدم لك خدمة لن تستطع 10 كتب أن تقدمها لك لتشرح لك كيف ولماذا وبأى ادوات ولصالح
من حدث إنفصال جنوب السودان عن شماله !الفيلم يكشف بمهنية وحيادية وذكاء الأصابع
الأجنبية التى غذت الصراعات الدينية فى السودان وقادت إلى إنفصال جنوبه فى دولة
مسيحية مستقلة ...والفيلم يقدم هؤلاء الدخلاء وشهادتهم وكيف أنهم يرون أنفسهم
مصلحين ومنقذين ..وفى ذات الوقت يقدم لك أثر ما فعلوه من نهب للثروات وتخريب وحروب
وفقر وقتل وتدمير .....ولا يكتفى بذلك بل يريك كيف أفسدوا طبيعة الأفريقى البسيط
وفطرته التلقائية وأدخلوا فى ذهنيته معتقدات يعتقدون أنهم بنقلها للسودانى فأنهم
يهدونه للحق وينيرون له الطريق لله ,,,,, فوضع القلادات للفتيات الصغيرات محرم من
قبل حملات التبشير المشبوهة التى تكمل مخططا إستعماريا لصالح الرجل الأبيض بشكل
عام ...والهدف إستقطابا لا يقوى بعده المجتمع كله على مقاومة التبعية الإقتصادية
التى تستلزم تبعية ثقافية !والمتابع لما يحدث فى أفريقيا أو زارها يدرك دور
الحملات التبيشرية المسيحية التى هى نوعا أخرا من المتاجرة بالدين لتحقيق أهداف
العولمة ,,,وسلب الشعوب هويتها وإقتلاع جذورها الثقافية ! الفيلم يجسد كيف أستطاع
الغرب تعميق الخلافات وتحويل السودان إلى شعبين متقاتلين ...وحتى بعد إعلان دولة
جنوب السودان الغنية بالبترول والثروات المعدنية والحيوانية دولة مستقلة ...يستعرض
الفيلم الحرب التى راح ضحيتها 120 الف مواطن والخراب والفقر الذى حل ....ويجسد
أيضا نظرة المستثمر الغربى وطمعه من خلال شهادات السودانيين المثقفين والبسطاء على
السواء وأيضا من خلال شهادات المستثمرين الغربيين أنفسهم!...فواحد منهم يعلنها
صراحة أن( فكرة الأرض لمن يملكها فكرة ساذجة !)...فالأرض لمن يستطع إستثمارها
والأستفادة منها وهو نفس منطق الرجل الأبيض الأوروبى الذى هاجر بعد إكتشاف
كولومبوس لأمريكا ..ليبيد حضارة الهنود الحمر ويستعمر الأرض ...فالأرض لمن يحتلها
ويستعمرها ويستثمرها ويقدر عليها ..ولعل هذا ما يفسر منطق التعاطف والتأييد
الأمريكى المطلق للإحتلال الإسرائيلى للأراضى العربية فى دولة فلسطين وسوريا
والضفة الغربية وغيرها .....................فإسرائيل تقوم بنفس ما فعله الأمريكى
الإستعمار وفرض الأمر بالقوة والقتل وتفوق السلاح وإستثمار أو بمعنى أدق نهب الأرض
والبلاد بكل خيراتها ..مع نفس المنهج وهو ضرورة محو الهوية الثقافية وإحلال ليس
فقط عادات وثقافة جديدة ولكن إحلال دين جديد وثقافة مختلفة وتدمير لكل أثر وتزييف
للتاريخ ومحو للزى والعادات والفلكور الخاص بالشعب المستعمر ....هذا ما يجرى
بالظبط وما صوره الفيلم الرائع الذى استخدم مؤتمرات وأحداث واقعية وخطب للمستعمرين
وشهادات للشعب الذى خدع بقرار التقسيم وفضح للرؤوساء العملاء الذين نفذوا المخطط
الأمريكى الغربى وفضح لدور الإعلام العميل للغرب الذى مهد الأرض وشجع السودانى
الجنوبى على الإنفصال وعلى قتل أخيه السودانى الشمالى ومن أجل ماذا ؟ لا يجد أحد
السودانيين الجواب !! هو مخطط زرع الكراهية وتفتيت الدول وتشجيع النعرات والخلافات
والإختلافات الدينية ونهب ثروات البلاد ! ...وخلق سوق واسع كبير اسمه العولمة لا مكان
فيه للزى الخاص ولا ولا للإنتماء الوطنى الخاص !فالمطلوب أن ننتمى لكوكب الأرض كما
يسخر أحد المسنيين السودانيين المثقفين من محاوره !..المطلوب عولمة ومستهلك مستعمر
ومستلب العقل والثقافة والهوية !!! أنهم ناجحون إليس كذلك ! (أنهم لم يأتوا
كاصدقاء بكل تأكيد )...ولكن كمستعمرين جدد يستخدمون أعقد وأخطر وسائل الإستعمار
محو الهوية الثقافية !!
يا لحزنى على مصر التى غابت زمن مبارك وتركت السودان
يقسم لدولتين ..جنوب السودان الغنية التى وجه سلفا كير فى أول خطاب له بعد
إستقلالها عن السودان شكره لدولة إسرائيل ..التى أكد انه لولاها لما كانت هناك
دولة جنوب السودان ! صدقت يا كير !!
طارق عبد الفتاح
خبير إعلامى
Tarekart64@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق