الأحد، 3 أغسطس 2014

(سجن النسا )..الفقر والإنتقام

(سجن النسا )..الفقر والإنتقام

بطل العمل الحقيقى ومحدد مصائر الشخصيات ومحرك الأحداث هو الفقروالحرمان والقهر ..من هذه الزاوية نرى البطلات الثلاث (غالية) و(دلال) و(رضا) بإعتبارهن ضحايا ظلم إجتماعى وقهر ذكورى ثم رحلة تحولهن من شخصيات عفيفة شريفة طيبة إلى السقوط الأخلاقى ثم رحلة إنتقامهن ممن ظلمهن .
( رضا ) ..تجسد الفتاة الريفية المعدمة التى تعول أسرة كاملة بالعمل كخادمة فى مدينة بلا قلب كالقاهرة !
.. تصدق (رضا) المعاملة الطيبة التى تلقاها لدى الأسرة التى تعمل لديها وتؤمن أنها فردا متساويا بأفراد الأسرة فلا تستئذن فى إرتداء ملابس أبنة صاحبة المنزل (دليلة) ! ..وتتعامل معها بندية ..تجعل دليلة تتوقف عن المعاملة الأشتراكية ! مما يدفع رضا للإنتقام من دليلة حرقا !!..كان يمكن قبول هذا الفعل دراميا لو أن (رضا ) وقعت فى أسرة تسىء معاملتها وتهينها وتضربها بل وتكوى جسدها!...بناء شخصيتى (دلال )و(غالية)  أكثر تماسكا (فدلال) بائعة ملابس من أسرة فقيرة جدا تحاول خالتها إستدراجها لعالم الدعارة وتبدو الفتاة مترددة وتقاوم لأخر نفس ثم تأخذ ظلما أثناء زيارتها لخالتها وتسجن بتهمة الدعارة وهى عذراء لم تمس!ونتيجة ذلك تسد أمامها كل الأبواب فيلفظها حبيبها وتطردها أمها ...ولاتجد الأ بيت خالتها ويصبح طريق الدعارة مسارا إجباريا  ( جعلونى داعرة !).
فى مسرحية زيارة السيدة العجوز(لدورينمات ) تقول البطلة لعشيقها الذى أفقدها عذريتها وتخلى عنها وطردتها القرية كلها لعارها ! تؤكد له بعد أن أحترفت الدعارة وصارت ثرية..(.لقد جعلتنى عاهرة...وسأحول هذة القرية إلى بيت كبير للدعارة !) يأتى إنتقام (دلال ) من المجتمع كله حيث تكون شبكة دعارة دولية
ربما ينقص هذا الخط الدرامى أن شخصية كدلال ستكون حريصة لإكمال إنتقامها أن تعمل على إستقطاب الكثير من العفيفات إلى هذه الشبكة وهذا مالم نراه فى العمل ..!...الشخصية الرئيسية (غالية ) يأتى إنتقامها الأكثر واقعية فهى تعمل سجانة بسيطة تضع كل ميراثها وتهديه لحبيبها (صابر) سائق الميكروباس وهو شخصية إنتهازية سحقه الفقر ! يتخلى عنها ليتزوج من فتاة أكثر ثراءا ..!ثم تموت ليعود اليها ويخونها مرة أخرى ويظل يستغلها ماديا ..ثم يقتل حماه من زوجته الأولى ويشهد وعشيقته على أنها القاتلة! ..وتدخل السجن حاملا ..ويموت أبنها بعيدا عنها .....ثم تخرج من السجن لتنتقم منه وومن عشيقتها... ...هكذا أنتقمت (رضا ) الخادمة من نموذج أرادت أن تكونه أو أن تتساوى به فى شخصية دليلة بنت المدينة المتعلمة المرفهة !فحرقتها !
وأنتقمت( دلال ) من مجتمع بأكمله أفقرها وجعلها عاهرة فزادت من رقعة الدعارة فيه !وأنتقمت (غالية)  من صابر ضحية الفقر الذى حوله إلى أنتهازى ينتقل بين النساء ليخرج من دائرة الفقر فإنتقمت من خيانته وخداعه لها والقائها فى السجن ظلما !؟.....الفقر هو المجرم وهو البطل ...والرجل هو المتهم الثانى متجسدا أكثر فى (صابر) وخيانته ..و(أبو رضا ) الذى رفض تزويجها حتى تظل البقرة التى يحلب أجرها وتظل تصرف عليه وعلى أخواتها ! وهو الرجل( حبيب دلال ) الذى تخلى عنها رغم أنها بريئة ولم تسقط بعد .
الجزء الخاص (بالهنجرانية) مقحم على السيناريو ويمكن أن يكون موضوع لمسلسل مستقل .. كما أن العمل لم يقدم صورة حقيقية لواقع السجون الذى أتصوره  أكثر قسوة ومرارة مما قدم!..و الخلفية التاريخية للعمل هى زمن مبارك ولكنها  لم تكن بارزة فى العمل وتأتى كأشارات بمانشيت جريدة أو صورة هنا أو هناك لمبارك ! وربما يفسر هذا سر الهجوم الكبير من الثورة المضادة على العمل ! ....الحلقة الأخيرة بها قفزات درامية واسعة ..كما أن خط صابر ونوارة أنقطع وغيب عدة حلقات بشكل معيب !.ورغم كل هذه الهنات الإ أنه من أفضل السيناريوهات المقدمة ربما منذ سنوات طويلة فى الدراما التليفزيونية ....وهجوم السجينات الحقيقيات على العمل هو نوعا من الخلط بين الواقع والخيال .. هى قضية وعى مجتمعى يرفض الإعتراف بالسلبيات فى كل المهن ! تصورى أن أى مسلسل 30 حلقة لابد أن يسقط فى هنات وأخطاء ولهذا أتصور أن ورشة للكتابة الجماعية أمرا ضروريا للتقليل من الأخطاء ...فهل كان سجن النسا نتاج ورشة أم جهد كاتبتين هما مريم نعوم وهالة الزغندى ؟ اللتان كسبتهما الدراما التليفزيونية نجمتان فى عالم الكتابة بكل تأكيد .

طارق عبد الفتاح
خبير إعلامى

Tarekart64@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق