الاثنين، 30 يونيو 2014

شرطي المنطقة الجديد !


 
نشر في جريدة المشهد 1-7 يوليو2014 

شرطى المنطقة الجديد !

بين ثنايا حوار السيسى تقدير كبير لدور دول الخليج والسعودية فى مساندة مصر سياسيا وماديا وهذه حقيقى .. حتى أن الأمر لن يستغرق سوى مسافة الطريق إلى تلك البلاد لحمايتها والدفاع عنها . ...فعل  ستلعب مصر دور شرطى المنطقة لحماية مصالح الدول العربية النفطية ..وهو نفس الدور الذى تلعبه إسرائيل فى المنطقة لحماية أمن أمريكا والناتو ؟وهو دور لعبته إيران الشاه لمصلحة أمريكا ..وتحاول تركيا تقديم نفسها فى نفس الإطار ؟ ...وقد يرى البعض أنه لاضير وفقا لإرضية أن أمن مصر القومى هو جزء من أمن الوطن العربى ودول الخليج ..وأن عبد النصر ذاته شن حربا على النظام الرجعى فى اليمن وساند ثورة الجزائر وغيرها من ثورات ؟ ولكن الزمن والدور مختلف الأن فمصر ناصر قامت بذلك وفق مفهوم داعم لكل ثوارت التحرر فى العالم لإنها تدعم بعضها بعضا ضد الإمبريالية العالمية والصهيونية !فهل سيطلب من مصر التدخل بجيشها لقمع أى إنتفاضة أو ثورة تقوم ضد الإنظمة الملكية هناك ؟ الخطورة هنا هو تخريب العقيدة العسكرية الوطنية المصرية القائمة على الإخلاص الوطنى للقضايا الوطنية والدفاع عن الأمن القومى العربى وفقا لإتفاقات الدفاع المشترك وليس كجيش داعما للأنظمة ضد الشعوب الثائرة مثلا ؟ وهل ستتكسب مصر من حروب تقوم بها على أرض البلاد العربية التى لا نعرف جغرافيتها كما يعرفها أهلها ؟ وهل سنعرض الجيش المصرى لكل هذه المهانة ؟ هل نحن مضطرون فعلا لهذا من أجل أن ينهض إقتصادنا وحتى لا نموت جوعا !!! ..مسافة السكة لم تذكر فيما يتعلق  بإثيوبيا وسد النهضة وفيما يتعلق بأوضاع سوريا ضلع الأمن القومى لمصر ولا فى خرائب العراق ولم تقال فى عدونا الرئيسى إسرائيل ! فقط قيلت لأمن الخليج وليس حتى الأمن العربى كله !فهل سيتم توظيف الجيش المصرى لخدمات أمنية لدول النفط الخليجية تحت رعاية ومباركة وموافقة أمريكية إسرائيلية .؟ الأسئلة كبيرة وإجابة مسافة السكة لا تكفى بل أنها ربما تثير المخاوف من أن تكون هذه هى سكة الندامة أو سكة اللاعودة أو سكة دموية مخيفة ترسخ من تبعيتنا للغرب وتقزم وتخرب دور جيشنا الوطنى .
وهل يستطيع الجيش تحمل تبعات صد إعتداء إيرانى على أمن الخليج ؟ هل الأمر بهذه السهولة ؟ أم أنه معقد بتداخل العلاقات الدولية وتشابكها وتحرك وتغير العلاقات الإيرانية الامريكية نفسها ؟وهل سندخل حروبا معتمدين على السلاح الأمريكى وحده ؟أن فكرة الحرب نفسها عادت لتطل برأسها بعد أن أعتقدنا أن حرب أكتوبر هى أخر الحروب ..ولكن مصر أنهت الحرب الطويلة بين إيران والعراق بإنحيازها للعراق وتدخلها عسكريا ...ثم أنها أنهت غزو العراق للكويت على الأرض بتدخلها ...هو جيش مصر جيش عظيم قادر على الحسم والإنتصار ولكن السؤال هو أى المعارك الأولى بأن يخوضها ؟ فأمن مصر يتطلب أن ندخل الحروب الضرورية فقط التى تفرض علينا فرضا من أجل حماية الكيان المصرى وأن نتجنب حروبا يمكن أن تقوض قوتنا وتمزقنا وتصبح أشبه بمصيدة وفخ كبير لقواتنا المسلحة العظيمة ....أن قضية الإستقلال الوطنى تفرض نفسها فرضا فبدون تغيير ملاحق كامب ديفيد الأمنية أو إسقاط الإتفاقية كاملة ودون وجود ظهير عربى قومى قوى مساند ومتماسك ودون تحرير تبعية القرار السياسى العربى من الضغط الدولى والأمريكى الإسرائيلى خاصة .. ودون الإستغناء عن المعونة الأمريكية ..والنهوض بالإقتصاد ودون مشروع وطنى تلتف حوله جماهير الشعب المصرى ..لن نملك حتى إمكانية الدفاع عن أمننا القومى المصرى العربى المشترك .
أتمنى أن تكون عبارة مسافة السكة مجرد تعبيرا معنويا عن محبة مصر لكل العرب ولا ترتب إلتزامات عسكرية وإقتصادية ونحن فى حالة إنهيار إقتصادى وتحيط بنا الأخطار والمؤامرات التفكيكية من كل جانب .
اللهم أحفظ مصر وشعبها وجيشها من كل الفخاخ والمؤامرات .

طارق عبد الفتاح
خبير إعلامى

Tarekart64@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق