الأربعاء، 19 مارس 2014

الثائر نور الدين

نشر في جريدة المشهد 18- 24 مارس 2014

الثائر نور الدين

كان والدى معلما تربويا ووالدتى محامية ولم يستخدما الضرب طوال حياتهما أمام شقاوتى وتمردى والفوضى التى كنت أسببها لهما ! ولكن كل هذا لم يؤثر بكل أسف فى تربيتى لأبنى نور الدين 4 سنوات ونصف حيث لم يتحمل جهازى العصبى زنه والفوضى والتخريب الذى يحدثه ولجأت للأسلوب الأمنى وأعتمدته طريقا فى قمع الطفل الصغير ! ولكن ما أبتكره نورالدين  من أساليب المقاومة والرد على العنف تستحق الدراسة !أمتنع عن  الطعام ! حتى هزل وأصابنا بالرعب وذهبنا جريا للأطباء فهو وحيدنا ! ثم لجأ إلى إفساد متعة المشاهدة التليفزيونية أومحاولتك للكتابة أو الحديث مع أمه أو عبر التليفون  ! وعندما نحاول عقابه يجرى ضاحكا  ويحاول الأختباء!أو يرسل لى قبلات وأبتسامات تجعل العقاب لعبة !فى مرة عبث بمحمولى  اثناء أدائى للصلاة مع أمه وأخذ يضرب أرقاما بشكل عشوائى !..عندما أنهيت صلاتى متوجهااليه غاضبا ..سارع بالوقوف على سجادة الصلاة وبدأ وكأنه سيصلى!..وأحيانا يصفنى ب ( بابا مرسى !!) ...لا أعرف كيف وصل وعيه السياسى وهو فى الرابعة والنصف من عمره إلى إتهامى بأننى مستبد طاغية مثل المعزول مرسى !.وأحيانا يصفنى بأننى عربجى !! وأعرف أنها أحد مفرداتى التى وصفته بها !!ولكنى أبدا لم أصفه بأنه مرسى ! ثم أنه عندما يصل إلى ذروة غضبه منى يصفنى قائلا ( بابا إسرائيلى !!)! و تفسير هذا هو متابعته لكارتون للأطفال يقدم على قناة (طه )التى تقوم بغرس قيم الحفاظ على الوطن الفلسطينى و ياليت لدينا برامج ذكية ووطنية مثل هذه فى قنواتنا.يشاهد نور قتل الإسرائيلى للأطفال وتخريبهم للبلاد وإحتلالهم لأرض فلسطين حتى أصبح كارها لكل أشكال العنف والدمار فعندما يشاهد لقطات عنيفة تحدث فى مصر أو غيرها ويسقط ضحايا يصف من يستخدم العنف والقتل بأنه إسرائيلى.وعندما  يتعرض للضرب يتعمد إيقاظنا أكثر من 4 أو 5 مرات ليلا على غير عادته... يستخدم أيضا سلاح الصراخ الهستيرى المتواصل أذا تعرض لأى ضرب !بحيث تستحيل الحياة جحيما وتصبح أغلى أمانيك هى أن يصمت ولو لخمس دقائق فقط ! أكتشفت أنه يخرب أشياءا فى البيت كردة فعل لأى أعتداءا عليه ثم صدمنى عندما ضربته يوما وأذا به يعاقبنى بشكل مبتكر لا يخطر على بال بشر ! فقد أخفى مفتاح الدولاب الخاص بملابسى! وعملى مذيعا لا يجوز معه التأخر دقيقة واحدة ! وبعد محادثات ومفاوضات وضع فيها نور شروطه وطلب أن أعود ومعى هديه له وشوكلاته من نوع خاص ..قام ليأتينى بالمفتاح الذى خبأه فى ثنايا لعبه من ألعابه !!...كان من نتيجة إستخدامى وأمه للإسلوب الأمنى القمعى أن أنعكس ذلك على سلوكيات نور عندما تم إستدعائنا الحضانة لأنه يقوم بالإعتداء على زملائه الأطفال !عندما يأتى ضيفا أو قريبا لنا يبدأ نور بوصفى أنا وأمه أمامهم بأننا (وحشين ومش كويسين ) وأخيرا بدأ فى الهجوم علينا بالضرب! فيقوم برمينا بأشياء من المنزل وأحيانا يشن هجوما بيديه وكل جسمه ويخنق رقبتى أو رقبة أمه ويخربش ويستخدم (الروسية) وينجح كثيرا فى توجيه ضربات موجعة لنا بلا مبالغة! حتى وصلنا لقناعة حقيقية بالتجربة أن العقاب البدنى لا يفيد...وأن هذا الجيل لا ينفع معه الأساليب القمعية التى شكلت ثقافة فى الماضى لا تصلح مع الحاضر الذى نعيشه ! ..ورسالتى هذه أوجهها لكل السلطات القادمة فى مصر ..أحذروا الجيل القادم لأن (نورالدين طارق ) وجيله بعد 13 أو 15 عاما لن يرحمكم وستدفعون ثمنا فادحا لو حاولتم قهره أو ضربه أو حتى تأجيل أحلامه أو التسويف فهذا الجيل الأن تعنى عنده فورا ..الدولة الأمنية البوليسية أنتهت ..وهذا الجيل ولد بجينات التمرد والثورة وتنفس هواء ثورة 25-30يونيو ..هذا الجيل ولد حرا ..فيا ويل أى وكل مستبد مستقبلا...سواء أكان مسئولا أو رئيسا أو حتى أب .

طارق عبد الفتاح
خبير إعلامى
Tarekart64@hotmail.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق