الثلاثاء، 1 أكتوبر 2013

ذات( حكاية مصر)



علي جريدة المشهد 30/9/2013

ذات( حكاية مصر)

مسلسل (حكاية بنت أسمها ذات ) تأريخ درامى متميز لمصر من خلال حياة الفتاة (ذات) التى تلتحق بالجامعة فى نهاية عهد عبد الناصر ونرى تحولات مصر التاريخية عبر حياتها وأسرتها الكبيرة ثم أسرتها الصغيرة بزواجها من الشاب البسيط (عبد المجيد) وتمتد الأحداث لتنتهى بثورة يناير 2011...
العمل يرصد محاولات عائلتها وأسرتها الصغيرة المنتمية للطبقة المتوسطة فى البقاء والإستمرار وسط عواصف سياسية وتحولات مجتمعية حادة وقاسية وظالمة أيضا ! العمل مأخوذ عن رواية صنع الله إبراهيم (ذات ) ونسجت كلا من مريم نعوم ونجلاء الحدينى الحوار والسيناريو بنعومة وحساسية بالغة . سترى حياتك كمشاهد تمر أمام ناظريك وكأن الإحداث مرت بك شخصيا فالعمل رصد زمن ناصر و هزيمة 67 وإنتصار 73 ومبادرة السلام وغزو العراق وكارثة شركات توظيف الأموال والفساد السياسى فترتى السادات ومبارك وكوارث العبارة والقطارات المتتالية ! وضرب البرجين فى 11 سبتمبر 2001  وحتى زلازال 92 ! ..تصارع أسرة عبد المجيد الظروف القاسية ويضطر للسفر للكويت ثم لا تدوم فرحة الأسرة فيأتى غزو الكويت وتسرق شركات توظيف الأموال مدخرات غربته ! وتضيع أمامه فرصة العمل فى مصر !ويواصل السقوط والجهاد ليكمل مشوار الحياة الغامض ! ثم تفقد الأسرة أفرادها تباعا فالأب يموت حزنا بسبب تغير الحياة التى آمن بها زمن عبد الناصر للنقيض عهد السادات ثم تمتد الكوارث لتخطف أفراد الأسرة بالإضطرار للهجرة سواء لدول النفط أو لأمريكا بحثا عن فرص حياة أفضل ! ويتحول الحلم الأمريكى لكابوس فى حياة أسرة عبد المجيد فقد أختطف أعز الأحباب أخوها وعمها وصديقتها الحميمة وأبعدهم عن (ذات ) وأسرتها بالسفر لأمريكا ... ..و تتجلى المأساة عندما تفقد (ذات) أخوها فى حادث تحطم البرجين !
تميز للملابس المعبرة بدقة عن المراحل التاريخية المختلفة وعن الحالات الشعورية والنفسية التى تمر بها الشخصيات و إعتناء شامل بالتفاصيل الدقيقة التى تضفى مصداقية هائلة على العمل ! مثلا تفصيلة خلق (كرش) لشخصية الزوج التقليدى عبد المجيد طوال العمل ثم فقدانه لهذا الكرش عند عودته من الغربة فى الكويت !ملابس منية فتح الباب  تستحق عنه جائزة فنية لتميزها  وتفاصيل مكياج السن بالنسبة لكل الشخصيات وخاصة الأم فوزية  التى أدته الفنانة أنتصار بروعة وتميز عاليين وكذلك مكياج (ذات ) فى شعرها أو زيادة وزنها بعد أن تحولت لزوجة داجنة منهكة فى العمل وعلى فراش الزوجية ! العمل قطعة دانتيلا راقية يندر أن نجد عملا ينتمى للمسلسلات التليفزيونية بهذه الدقة والحساسية والمصداقية ... نيللى كريم (ذات ) توحدت مع الشخصية وعبرت عن كل مراحلها وخلجاتها وإنكساراتها وأحلامها وتمرداتها بوعى وإحساس متدفق يضعها فى مصاف النجمات الكبيرات وتستحق عنه جائزة ! باسم سمرة يقدم أفضل أدواره على الإطلاق فى دورعبد المجيد  أداه بسلاسه وبساطة وصدق ...
أداء تمثيلى مبشر للوجوه الجديدة ناهد السباعى فى دور سميحة وهشام إسماعيل فى دور الشنقيطى وثراء جبيل (إبتهال ) وأسامة أبو العطا ( المونتير ) ...مكياج راقى ومتدرج بإتقان محمد عشوب ومحمد عبد الحميد ..وموسيقى تصويرية شجيه لتامر كروان ومهندس ديكور متميز حمدى عبد الرحمن ومديرة التصوير الرائعة نانسى عبد الفتاح ..
ذات هى مصر عبر مراحل تحررها ..من براءة الستينات بأحلامها القومية الإشتراكية الوردية إلى إنكسارات عهد السادات ..وفساد مبارك وثورة يناير .(.ذات ) هى الروح الوطنية الباحثة عن العدل والحرية ..والتى سلبها حكامها حقوقها وسحقوا أحلامها ثم استيقظت من تحت الرماد لتبحث عن ذاتها ووجودها وكرامتها وعيشها وعدالتها الإجتماعية وحريتها .......أخراج أهتم بأدق التفاصيل بحساسية عالية وجاء إقتسام كاملة أبو ذكرى وخيرى بشارة لإخراج حلقات العمل ليخلق تركيزا أعلى من كلاهما وتنافسا فنيا راقيا أستفاد منه المتلقى .
ومازالت (ذات ) تبحث عن الحرية والعدل ...عاش كفاح الشعب المصرى .

طارق عبد الفتاح
خبير إعلامى
tarekart64@hotmail.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق