رفح والنسيان !
المأساة لا تتركز فى ضحايانا الشهداء الأبرار
الذين تناولوا أفطارهم فى الجنة ولكن
الحادث المؤامراتى يكشف عارنا فى سيناء ! فكارثة كامب ديفيد سلبتنا سيادتنا على أرضنا ! السيادة تفسر بأنها أخر نقطة من أرضك تستطيع أن
تضع فيها جنودك وأسلحتك! أما الأرض التى يحدد لك فيها الأخرون عدد الجنود ونوع
السلاح فهى ليست أرضك !
قسمت إتفاقية كامب ديفيد سيناء لعدة مناطق فى منطقة (أ )
تضع مصر 22 الف جندى أما المنطقة ( ب) فتضع 4000 جندى حرس حدود فقط مسلحين بأسلحة خفيفة
! وفى المنطقة ( ج ) بوليس مصري فقط ! أضيف لهم 750 جندى حرس حدود عام 2005
لتأمين حدود غزة بموجب إتفاقية فيلادلفيا المصرية الإسرائيلية !.. والأمر واضح هو
تسهيل مهمة الجيش الأسرائيلى حال تغير النظام فى مصر لإستعادة سيناء فى ساعة زمن
وفى رحلة بالمدرعات بدون خسائر فى الجانب الإسرائيلى !
بل ستعاونها القواعد العسكرية متعددة الجنسيات الموجودة فى شرم
الشيخ والجورة والتى هى فى جوهرها قواعد عسكرية أمريكية غير تابعة للأمم المتحدة !
هكذا بدأ التفريط فى عهد السادات الذى مازلنا ندفع ثمن مغامراته
وسياساته ... أتذكر كاريكاتير حجازى الشهير لجندى من قوات الطوارىء الدولية وهو
يتمدد مسترخيا على رمال سيناء وبجانبه المذياع يصدح بأغنية شادية( سينا عادت كاملة
لينا ! ) للأسف لم تعد سيناء لمصر !والأن نحن فى مأتم كبير !
قضية الإستقلال الوطنى مازالت هى قضية مصر منذ ثورة 1919 وظلت قضية مصر
بعد ثورة 52 ثم بعد هزيمة 56 وهزيمة 67 ..
بدون تحرير سيناء وفرض سيادتنا الوطنية على كامل أراضينا لن يكون هناك نجاح لثورة
25يناير لن نحق لا حرية ولا كرامة ولا عيش ولا أمان !
الجريمة فجرت الأسئلة المؤلمة !هل صحيح أن رئيس المخابرات المصرية
صرح بأنه كان يعلم بالحادث قبل وقوعه ! وهل حذرت إسرائيل مصر ولم نتحرى الأمر ؟
وهل تفجير خط الغاز 16 مرة لم يجعلنا نفكر فى الجلوس مع الجانب الإسرائيلى لتعديل
الملاحق الأمنية لإتفاقية كامب ديفيد؟...وهل سنسكت على إهانة مصر؟ أن ماحدث يمكن
أن يقيل الحكومة كاملة فى دولة محاسبة وديمقراطية ! ولكن هذه التصريحات العنترية
التى لا يحدث شئ بعدها !هى كارثة أخرى لماذا لم يتم ضرب الإنفاق بالطيران المصرى
فورا والقضاء على سبوبة تهريب السلاح والمخدرات والوقود المصرى المسروق والسيارات
المسروقة من دم الشعب المصرى ! هذه الأنفاق كارثية ولا يمكن مجاملة أى طرف على
حساب الأمن القومى المصرى !
لنجيب محفوظ جملة رائعة هى
(آفة حارتنا النسيان !) ... بمرور الوقت
سيهدأ الرأى العام وينسى !كما مر حادث مقتل ثمانية جنود وضابط على الحدود من قبل
العدو الصهيونى ! ترى ما هى نتيجة التحقيقات فى هذا الحادث ! الغضب كان كبيرا
وقتها ! ثم النسيان !
وحتى تتأكد مقولة صاحب نوبل فقد بدأت المؤامرة على مصر وثورة يناير
بعد سلسلة مذابح هل تم التحقيق فيها وتوقيع الجزاء على المتهمين !مررنا فى عام
2011 بموقعة الجمل 2 فبراير ..ثم مسرح البالون 28 يونيو وفض إعتصام 9 مارس و9
أبريل وموقعة العباسية 23 يوليو والسفارة الصهيونية 29 سبتمبر وماسبيرو 9 أكتوبر
ومحمد محمود 19 نوفمبر ومجلس الوزراء 16 ديسمبر ..... ثم فى عام 2012 فبراير
كانت مذبحة بورسعيد واليوم التالى وزارة الداخلية ثم موقعة العباسية 4 مايو !
ثم حوادث النيل سيتى ودهشور !
هل تتذكرون هذه الأحداث؟ مذبحة رفح سيطويها النسيان أيضا !من أهم أسلحة
الثورة المضادة سلاح أسمه النسيان !
سواء أكانت مؤامرة إسرائيلية أو من تنظيم القاعدة أو من تدبير
فصائل فلسطينية متشددة أو مؤامرة من نظام مبارك للأطاحة بمرسى أو مؤامرة من الجن
الأزرق فهذا لا يعفى أى مسئول صغيرا أو كبيرا رئيسا أو مشيرا من المسئولية .
الجريمة لن تكون الأخيرة وستأتى كوارث تنسينا دماء رفح !
لا يمكن الحديث عن تعمير أو تأمين سيناء قبل تحريرها من قيود كامب
ديفيد.
طارق عبد الفتاح
خبير إعلامى
tarek.expert@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق