السبت، 7 أبريل 2012

عريس مصر القادم

نشر في جريدة المشهد 25مارس2012
عريس مصر القادم

تبدو مصر الأن كمطلقة حسناء خلعت نفسها من زوجها الفاسد الذى تزوجها فى لحظة مضطربة دون موافقة منها ..نهب هذا الزوج  المتكبر حليها وذهبها وثروتها وأهانها وعذبها وأغتصبها طوال 30 عاما ! أفقرها وأمرضها وقزمها !ولم يكتفى بذلك بل دبر لتزويجها من أبنه !
تقدم الأسلامبولى والزمر ورفاقه ودفعوا مهرا دمويا غاليا ولكن العروس أرعبها منهجهم الذى لم يحررها بل قادها للوقوع فى براثن المخلوع !
حلمت فى تلك السنوات المظلمة بعمرو موسى ولكنه لم يتحرك لفك أغلالها ولم يجروء حتى على إعلان التقدم لخطبتها !
تمنت عمر سليمان ولكن تكلم الرجل فسقط سحره !
البرادعى وقف بجانبها ونادى بتطليقها من مغتصبها ! وتقدم لها بشجاعة .. فحاصرته حملة تشويه موسعة ..أنسحب عندما شعر أنه سيكون جزء من مؤامرة تحاك لإختطافها بشكل قانونى  !
حاول أيمن نور فناله ما ناله ! أبو الفتوح  وحمدين قدما للعروس مهرا من سنوات النضال والسجون والتعذيب ومازالت العروس تفكر.

تمت خطبتها على تيار الإسلام السياسى  برلمانيا !... لكنها لم توافق على الزواج ! وربما تفسخ خطبتها سريعا بسبب خيبة أمل العروس فى أداء وسلوكيات خطيبها ! لا ترى ست الحسن فى (الشاطر ) الشاطر حسن !
ولأن  مصر تشبه حوريات الجنة فهى دائمة الشباب والجمال والبكارة .. أعادت أكتشاف ذاتها ونفضت عن نفسها تراب 30 عاما من الإستغلال والقهر فى 25 يناير.
 تجمعت  خفافيش الظلام وذئاب النظام المجروحة  ليلة التنحى وبدأت تخطط لإعادة تزويج العروس الفاتنة إلى واحد من أبناء النظام  القديم !    
هال الذئاب هذا الوهج الثورى المتدفق وهذه الملايين التى توحدت وأنصهرت فى الميادين  لتحرير الملكة الجميلة من اللصوص ! فكان من الحتمى إرسال مبارك إلى مكان ما لفترة حتى تهدأ الأمور وأذا لم يحدث فليحاكم على مهل ..حتى تخمد هذه العاصفة الثورية.


الخطة تتكون من 4 كلمات ( الترويع والتفتيت والتخوين والإستمالة)
(ترويع) الناس بالإنفلات الأمنى وشغلهم بأزمات مفتعلة كنقص الرغيف والغاز والبوتاجاز والمواصلات ..وربط أى حادث أجرامى بالثورة والثوار .
(تفتيت ) الكتلة التى زلزلت النظام إلى معسكرات متناقضة (دولة دينية – دولة مدنية ) (مسلمين – مسيحيين )( مؤمنيين وعلمانيين) (أهلاوية وبورسعيدية ) ثم إيقاع بعض طوائف المجتمع مثل (المحاميين والقضاة) قضاة فريقين وقضاة فى مواجهه محاميين !  سحب الشرطة ووضع الجيش فى مواجهة الشعب  .
رفع أجور بعض الفئات المطالبة بتحسين أوضاعها  دون غيرها ! مما يبقى الإحتقان مشتعلا !
وترتيب عدة مواقع جمل فى كل فترة كمذبحة بورسعيد !

(تخوين ) الرموز الوطنية والثوار ! وحديث المؤامرة الخارجية والداخلية ! ففزاعة الإفلاس الإقتصادى !ثم تشجيع الإعتصامات والإضرابات الفئوية والإندسساس بين الثوار وخلط الأوراق وتشويه الحقائق وإشعال كل أنواع الحرائق فى المجتمع . .
والتشكيك فى هيئات المجتمع المدنى !مما يضفى إثارة على سيناريو المؤامرة الخارجية!
(إستمالة ) تيار الإسلام السياسى بالإعتراف بشرعيته و الإفراج الفورى عن رموزه المسجونيين وبمنحه حق تكوين الأحزاب السياسية ( الدينية! ) وتمكينه من الفوز بالبرلمان وتشكيل الحكومة مقابل عدم التقدم بمرشح للرئاسة ! ودعم المرشح التأمرى ! وربما يطمع الأخوان فى الصفقة كاملة ويقدمون عريسهم !

وهكذا أنهكت القوى السياسية الثورية وتفرقت وتشتت إلى عشرات الائتلافات بل وأصطدمت ببعضها البعض !...

أعد النظام السابق أكثر من عريس (غير محتمل !) لخداع العروس !
وبهذا المخطط الذى أصبح واضحا حتى للأطفال! يمكن تزويج العروس الحسناء (لمبارك رقم 2).. الذى لن يكون سوى رئيس ديكورى تحكم من خلاله مؤسسة النظام القديم ... ولحظتها ستتم محاصرة كل من قام وشارك وساند الثورة والتخلص منهم بالقانون وبإسم الشعب !
الكارثة الحقيقية هى أن خطاب مصر الكثر لم يكونوا ناضجين بما يكفى ولم يكونوا مستعدين ماديا وتنظيميا ! وكان أكثرهم جاهزية هو تيار الإسلام السياسى ! فكانت تلك الخطوبة البرلمانية !
ولكن لأن مصر حورية متجددة الشباب والجمال والبكارة أتصور أنها بحسها وقوتها ستصنع معجزة أخرى وستفسخ خطبتها أو فى أسوأ تقدير  ستكون زيجتها قصيرة جدا كما حدث فى العراق منح الشعب صوته لتيار الإسلام السياسى وعندما خيب ظنه أسقطه فى الإنتخابات التالية .
رغم أن مصر الجميلة تزوجت دائما بطريقة تقليدية الأ أنها أحبت من أزواجها مينا وأحمس وتحتمس ورمسيس الثانى ومحمد على وعبد الناصر .. كل منهم أعطاها وأعطته وحانت لحظة أن تختار بكامل أرادتها  للمرة الأولى فى تاريخها .
(الأميرة) لا تنتظر أنتخابات الرئاسة القادمة فهى تستشعر أن شيئا كريها يدبر فى الخفاء ! ومما يزيد شكوكها شروط وقواعد الإنتخابات من مادة لا طعن ! إلى حق تصويت الناخب فى أى لجنة إنتخابية !!
مما يفتح أكبر الأبواب للتزوير ! كما أن قبول الطعن على شرعية البرلمان معناه طعن على شرعية الدستور  بسبب نسبة ال 50% من أعضاء البرلمان التى ستشارك فى صياغة الدستور !!
كما أن 50 يوما فقط للدعاية إنحياز تام للمرشح التليفزيونى الثرى !
الأميرة تنتظر فقط  أولادها الذين قدموا لها أغلى مهر أرواحهم و عيونهم ودمائهم وحريتهم فى ثورة 25 يناير لكى تتحرر .. العروس الغالية تنتظر هؤلاء الشباب النقى البكر لينضج أكثر وينظم صفوفه ويتوحد ساعتها  سيكون هذا هو الفرح الحقيقى والزواج السعيد
 .. من الرجل الذى أحبها بصدق .. العروس لا تريد كابا أو جلبابا .

طارق عبد الفتاح
خبير إعلامى
tarekart64@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق