|
سوبر مان اسمه صفوت حجازى
بقلم
طارق عبدالفتاح
١٤/ ١٠/ ٢٠١١ |
برنامج
«شاهد على الثورة»، الذى يقدم على شاشة «الجزيرة» يثير عدة تساؤلات عن
خطورة التأريخ المبكر جداً للثورة المصرية، أولاً لأن الثورة لم تنته بعد!
ثانياً اختيار والبدء بصفوت حجازى المحسوب على التيار الإسلامى، يثير
تساؤلاً آخر..
لماذا يتم البدء به، خاصة أن الثورة المصرية اندلعت
شرارتها الأولى من قبل عدة تيارات سياسية شبابية، لا تنتمى لتيار الإسلام
السياسى! كما أن التأريخ التليفزيونى للثورة ربما يضر بالثورة المصرية
ذاتها، لأنه يرسخ فى الوجدان الجمعى أن الثورة انتهت وها نحن نرصد أهم
ملامحها .بدأ البرنامج، الذى يقدمه المذيع المصرى المحسوب على تيار الإسلام
السياسى أحمد منصور، بـ١٠ حلقات مع الداعية الإسلامى د. صفوت حجازى، وهذه
الحلقات تمت إذاعتها وإعادتها بشكل مكثف، ربما لم يحدث ولا أعتقد أنه سيحدث
حتى لأى مرشح رئاسى! مع إعادة التنويهات فى تكثيف إعلامى غير مسبوق.
أما
البرنامج فمن خلال القصص التى رواها صفوت حجازى ترسم له شخصياً ملامح
وصوراً متعددة منها ما هو أسطورى، وفى أحيان أخرى تشعر أن صفوت حجازى هو
بطل خرج تواً من السير الشعبية كالزناتى خليفة والهلالى! وأحياناً أخرى
يمكنك أن ترى فيه سوبرمان أو رجلاً خارقاً، وفى أحيان أخرى ترى «صفوت»
كواحد من الأولياء .
إن البرنامج يقدمه لا باعتباره شاهداً على
الثورة، ولكن باعتباره زعيم الثورة وصانعها ومحركها وساحرها وملهمها، لدرجة
أن عمرو موسى عندما أراد أن يأتى إلى ميدان التحرير طلب إذناً من صفوت
حجازى! ستكتشف بعدها من خلال حوار السيد صفوت حجازى أن من يرد أن ينال
الشهادة ودخول الجنة لابد أن يمر عليه أولاً! ومن يرد أن يدخل طعاماً
للميدان لابد أن يأخذ تصريحاً منه! وإذا أراد أن يتحدث شخص فالوصول للمنصة
عبر اختام يملكها هو وحده! والتفاوض مع الجيش يكون من خلاله!
وهو
يبقى فى الميدان من الصباح للمساء، ولا ينام ويحرس النائمين! ويقذف
بالحجارة ويسير من التحرير للعروبة، ويعود من التليفزيون إلى ميدان
العباسية سيراً على الأقدام، فهو يمتلك قدرات خارقة تمكنه من حمل كتلة
خراسانية تزن مئات الكيلو جرامات! هكذا هو سوبرمان ورجل الميدان والثورة
الأول والأخير!
وهو يؤمن وينظم قدوم الشيخ القرضاوى من دولة خليجية
بالتعاون مع الجيش! ليلقى خطبة الجمعة فى الميدان! وأثناء متابعتك للحلقات
العشر ينتابك أحياناً سؤال مشروع من هو صفوت حجازى؟ وأين كان من قبل؟ بمعنى
أين تاريخه السياسى السابق؟ والخطير أن إجابات صفوت حجازى تعطى للمتلقى
البسيط عدة انطباعات سرعان ما تتحول مع الإلحاح الإعلامى إلى حقائق راسخة
فى ذهن المتلقى البسيط، ونصف المثقف على السواء، أول هذه الانطباعات هى:
■ إن من دعا وقام ونظم وحمى وضحى فى ثورة ٢٥ يناير هم الإخوان المسلمين!
■ إن صفوت حجازى يبدو من خلال إطلالته وحواره وكأنه المرجعية الدينية والروحية لشباب الثورة!
■
يبدو آية الله صفوت حجازى، وكأنه المنظم لحركة الثورة والثوار، الملهم
والمخطط والعارف ببواطن الأمور، بل أحياناً يبدو مطلعاً على الغيب! عندما
يؤكد أن الثورة ستنتصر وحجته أن الله هو الذى صنع هذه الثورة!
■ فى
أحد حواراته يؤكد صفوت حجازى أنه أغمض عينى شاب استشهد بجواره وعندها شم فى
يده رائحة المسك! ولا اعتراض، فقوة الإيمان ربما تجعلك ترى أشياء وتتخيل
أموراً أخرى، وربما يكون ما استنشقه صفوت حجازى هو مسك من الجنة حقا! ولكنه
يستطرد قائلاً إن بجواره كان هناك شابان مسيحيان قد استنشقا المسك أيضاً،
ثم يقول: «ولا أذكر هل قال أحدهما سبحان الله أم لا إله إلا الله»!
لقد
تذكر الداعية كل التفاصيل الصغيرة الخاصة باستشهاد هذا الشاب، عدا هذا
الجزء الخاص بإشهار الشاب المسيحى لإسلامه! فقد وجد الوقت الكافى لحديث
طويل مع الشاب قبل أن يستشهد وأخبره فى نهايته أنه سيذهب لملاقاة سيدنا
حمزة فى الجنة، ثم عندما وقف تلقى رصاصة وسقط شهيداً بجواره! ووجد صفوت
حجازى الوقت ليعرف ديانة الشابين الواقفين بجواره! ولكنه فقط نسى هل قال
الشاب المسيحى سبحان الله أم لا إله إلا الله!
ليست هذه طريقة طيبة
للدعوة، ناهيك عن أنها تمزق النسيج الوطنى لعنصرى الأمة مسلمين ومسيحيين!
ولك أن تتخيل مشاعر ملايين المسيحيين وهم يسمعون هذا الحوار!
■ ما
حدث مع الشاب المسيحى حدث مع شاب آخر ضال هداه الداعية فى الثورة وأمره أن
يتوب ويصلى وفعل! ثم مع شاب يسارى كان يكره المشايخ! ولكن الداعية الساحر
حوله إلى محب له بمجرد أن قبل رأسه!
■ لا أدرى من الذى منح السيد صفوت حجازى لقب أمين عام أمناء الثورة! هل كان هذا اختيار كل ائتلافات الثورة!
تابعت
السيد صفوت حجازى يقدم صفقة على الهواء فى برنامج تليفزيونى آخر يتعهد فيه
بحماية المجلس العسكرى وعدم فتح أى ملفات، بعد أن يقوم المجلس بتسليم
البلاد إلى سلطة مدنية! وهنا وجدتنى أسأل مرة أخرى من هو بالضبط السيد صفوت
حجازى؟! من أى تاريخ نضالى أو سياسى يستمد شرعيته؟!
|
|
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق