الاثنين، 26 مايو 2014

بنت من دار السلام

نشر في جريدة الآسبوع 30 يونيو 2014

بنت من دار السلام
  


بنت من دار السلام

 
دعانى صديقى طار ق رمسيس المنتج الفنى لشركة كاراس لمشاهدة العرض الإفتتاحى  لفيلم (بنت من دار السلام ).....الفيلم عانى من حذف 20 مشهدا ! والقصة تدور حول أحلام بنت بسيطة فى الزواج والحياة الكريمة يسوقها القدر والظروف للزواج من رجل يكبرها يقدمه الفيلم بوصفه صاحب دار للصرافة والعملة ينتمى لفكر إسلامى متطرف ومتزمت ونكتشف أنه مريض بالمازوخية أى التلذذ بتعذيب الذات !....تتبخر تدريجيا أحلام فتاة دار السلام البسيطة والمخلصة بسبب شذوذ أفكار هذا الرجل الذى يتركها فى البحر لتغرق حتى لا يلمسها رجل الإنقاذ !!!وهو مشهد ينهى به الفيلم دلالة على أن هذا الفكر قاتل لكل المعانى الإنسانية الجميلة .
السيناريو مرتبك وزاده إرتباكا مشاهد حذفتها الرقابة! ..كما أنه مباشر وتعليمى فى مشاهد أخرى !يبدأ الفيلم بمزاد صريح يشترى فيه هذا المتاجر بالعملة وبالدين وبالنساء فتاة فقيرة من دار السلام تصغره بنحو عشرين عاما على الأقل والمشهد الأول يؤكد على ضياع كل القيم وأولها الفن فلا أحد يرغب فى شراء آلة الكمان التاريخية حتى بسعر التراب !..هى إفتتاحية مباشرة يؤكد بها المخرج المؤلف طونى نبيه أننا أمام عالم متوحش شعاره المادة ثم نبدأ فى تتبع  المشاهد لنتعرف على هذا العالم المادى الهش المخوخ ! .......لا ينفى المخرج تأثرا بالمخرج خالد يوسف يبدو فى الجمع بين الكتابة والإخراج والمباشرة ولكن المباشرة هنا تبدو أكثر وضوحا ربما بسبب كونه العمل الأول له ..ففى العمل الأول نرغب أن نقول كل شىء بوضوح ....بطلة الفيلم راند البحيرى تقدم دورا
من أجمل أدوارها أدته بتلقائية وعفوية ذكرتنا بأداء فاتن حمامة ورسمت فيه أحلام فتاة بريئة بالحياة البسيطة .
وشاركها البطولة محمود الجبلاوى فى أول أدواره دور المسن صاحب الصرافة المريض والشاذ نفسيا والمتطرف دينيا ..أدى الدور بتمكن كبير وكأنه يمثل منذ زمن بعيد رغم أنه عمله الأول سينمائيا وكان يحيل المشاهد إلى الصراع النفسى الدائر بداخله والصراع مع باقى شخصيات العمل .... لفت الأنتباه ماهر عصام ...حسن عيد...الذى يحمل وجه وإرهاصات (جان جديد للسينما ) و(كارمن ) بوجهها الملائكى وإبتسامتها الساحرة تبشر هى و(لاميتا ) بنجاحات مستقبلية والتصوير كان معبرا فى اللقطات الواسعة لدار السلام والتصوير تحت الماء الذى أظهر مجتمعين فى مصر مجتمع المايوه الشرعى لبطلة العمل والمايوهات الأخرى ...! ...ومشهد صبرى عبد المنعم الذى يبرر فيه تزويجه لبنته راندا البحيرى من الرجل المسن الغنى وإنسحاب الشباب الضائع ...هو من المشاهد المؤثرة التى تعبر عن مجتمع مأزوم يحاصره الفقر والبطالة والعنوسة!
مشهد النهاية من أقوى المشاهد ..حيث يترك المسن المتطرف دينيا زوجته لمصيرها !ويرفض تدخل رجال الإنقاذ ويمنعهم حتى لا يلمسوا جسدها ! بينما تفيق بعد إنقاذها لتجد نفسها وحيدة ولم يبقى أمامها سوى البحر الذى أبتلعت ملوحة مياهه!............. رحاب الجمل نجحت فى تقديم شخصية المرأة المستغلة التى تلعب على ضعف بطل الفيلم النفسى وشذوذه وتقوم بعملية تعذيبه والسيطرة عليه نفسيا وإستغلاله ماديا ولكن لم يوضح لنا السيناريو طبيعة تلك العلاقة الشاذة فقد قدم بطل العمل يهوى الجلد والتعذيب ولم يربط ذلك بالجنس!والمعروف أن هذا المرض ترتبط فيه اللذة بالألم !وهذا ما لم يظهر فى الفيلم لأسباب غير مفهومة ! كما لم يشرح لنا أسباب إصابة البطل بهذا الشذوذ النفسى نفسه !
الفيلم كعمل أول بداية جيدة ..وعلى مخرجه ومؤلفه ومنتجه (طونى نبيه ) أن يستعين بدراماتورج أو مؤلف سينمائى محترف فهذا سيعطى تجربته القادمة أبعادا أرقى وأقوى دراميا .

طارق عبد الفتاح
خبير إعلامى
Tarekart64@hotmail.com





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق