السبت، 23 يونيو 2018

آسفين يا صلاح !


آسفين يا صلاح !

أيقونة المقهورين ،وسبارتاكوس المصريين (مو صلاح ) ، لقد جعلنا منك قديسا ونبيا وكنا أول من كفر بك ! وضعنا أحلامنا  وهزائمنا على كتفك فأثقلناه وأوجعناه أكثر من اللاعب الذى أصابك !الفاشل والعاطل والمريض والفقير والعاجز والمغترب والوحيد والمكتئب والسجين كلهم جعلوا منك لوحة نيشان لأحلامهم المهدرة ،وطالبوك بأن تحررهم من عجزهم وضعفهم ،نحن يا صلاح مهزومون حتى النخاع والكرات تدخل مرمانا ليل صباح ! كنا نأمل فى نصريشفينا ويداوى بعض جراح ! حملناك ما لا تحتمل وجعلنا منك مسيحا منتظر ،ولما لم تأتى بالمعجزات ! صلبناك وجردناك من هالة الضوء ،ملوثون نحن بكل ألوان الجرائم ، سنبيعك ببضع دراهم !، نحن لا نشهبك يا ولدى ،لا ننتمى أليك ولا تنتمى ألينا ! أنت من عالم العمل و الدقة والكفاح طريقا واحدا للفلاح .! ونحن يا صلاح فاشلون وآفاقون أدمنا التحايل والفساد، نحن أمراء الفهلوة والهمبكة والأمور لدينا دائما سداح مداح ! نحن من عالمان مفارقان بينهما محيط شاسع لا يختلطان ولا يمتزجان ! نحن أدمنا الرشوة ولا يعنينا سوى اللقطة ،ونعشق منطق الهبرة ،نحن نكافئ الفاسد ونكره الموهوب وصاحب العلم ، نحن وصلنا بالواسطة بالكوسة  بالصدفة ، بالرشاوى والعطايا ،ولا مكان بيننا لعالم أو لمجتهد أو موهوب أو حالم ، وأنت يا صلاح تشبه  أبطال الأساطير وحواديت ألف ليلة وليلة والشاطر حسن ، وتشبه الأبطال الخارقين كسوبرمان وكل عائلة (مان )!،أنت كأبطال السينما الأمريكيين ينتصرون بمفردهم على جيش من الأعداء !ونحن منذ قرون راقدون على كراسى مقاهينا كالدببة المنهكة ،نلحس الشاشات ونضرب الزهر ونلعن الدهر ! ننتظر المخلص ولا نبرح المكان !لم ندرك أنك لا تلعب لعبة فردية !وأن وضعك مع منظومة كاملة تسير عكس إتجاهك ستمزق لك الأربطة والأنسجة ! سامحنا لا نليق بك ولا تليق بنا ! لا نستحقك ، أنت أجمل بكثير من أن تكون لنا ، نحن أدمنا القبح وأنت الجمال ، أخشى أن تنتقل اليك عدوانا ، سامحنا علقنا على أكتافك كل هزائمنا ،وقيدانك بسلاسل لم نتحرر منها ،وطالبناك بالمعجزات ، أنسانا يا صلح قبل أن ندمرك ، نحن قتلة أنبياء بإمتياز ونكره الناجحين ، فكلما نظرنا فى وجهك العنيد رأينا كم نحن عبيد ، وكلما تطلعنا الى جمالك ذكرتنا بقبحنا العتيد  ، إنسانا وأحمى نفسك منا وسنحاول أن ننساك ، إنسانا يا صديقى ولا تأخذنا مرة أخرى إلى غزواتك الكروية العالمية ،فنحن لم نكن نستحق التأهل لولا طموحك الجبار ، أدر ظهرك وإلتفت لنفسك ، تحرر منا نحن أثقالك وقاتليك ! اذا كنت تقود فريقا كإنجلترا أو كرواتيا أو حتى نيجيريا لأوصلته للنهائى ! ولكنك تقود فريقا من السجناء العاجزين الفاسدين، الذى رضوا عن فسادهم ورضى فسادهم عنهم .! آسفين يا موصلاح ..لسنا أهلا للنجاح .

طارق عبد الفتاح
إعلامى
tarekart64@hotmail.com

الخميس، 14 سبتمبر 2017

عقد لولي


                                                                             عقد لولي

السيرة الذاتية (عقد لولي) للكاتبة والمترجمة الشابة نيفين فائق تتناول حياة عائلة تنتمي لأعلي شرائح الطبقة المتوسطة ،وتتعرض لذكريات 
كانت العلاقات الإنسانية الرومانسية أهم شيء والروابط العائلية هي الأقوي والتفوق العلمي والدراسي هو المعيار الأساسي للتميز والتقدم الاجتماعي ، كما تتناول الروابط الحميمة بين أفراد العائلة وبين العاملين علي إدارة البيت الكبير ،وترصد الكاتبة شفافية الجدة والحفيدة في رؤية شبح الموت قبل اختطافه لأعز حبات العقد الفريد ،والحقيقية أن عنوان السيرة يحمل المعني المباشر ،ولكنه يخفي كما الكنوز، معني أغلي فحبات العقد هم أفراد عائلة الجدة كاميليا التي تحمل اسم التمليح( لولي )،ومن ثم فان الكاتبة تقدم صورة فوتغرافية لأحوال هذه الطبقة بكثير من النوستالجيا لماضي قريب بعيد ،وكأنها ترفض مرور الزمن في محاولة سيزيفية للسيطرة علي لحظات وأيام فرت منا جميعا ولم يعد لها وجود بكل جمالها ،وهو جمال ترصده الكاتبة في تفاصيل دقيقة بسيطة ، كفكرة التآمر من أجل شراء حذاء باهظ الثمن وقتها 45 جنية من محل توب وماركة ريم ويحمل شرشوبتين مميزتين ،وهو زمن اختفت فيه مهن كالترزي الذي يحفظ تفاصيل ومقاييس أفراد العائلة فردا فردا وبائع اللبن التقليدي ،وأسرة عم محمد حارس البيت الكبير ،والأهم من كل ذلك أنه زمن كان الحب والصداقة والتفوق العلمي والرياضي والطموح أهم ما يميزه ،وهو زمن ساد فيه التسامح والاعتدال والتحرر ،كما أنه زمن الأحلام الجميلة ،وزمن الشفافية والروحانية حيث يختلط الحلم بالواقع، والكاتبة تقدم قصة حب هي الأهم علي مر عمرها كله بجدتها لولي ، التي تبدو وكأنها أهم وأكبر حبات العقد بل أنها رابط العقد وحبله السري ،فهي أم وجدة وسيدة مجتمع ومثقفة ومديرة وقائدة ،ومشغولة دائما باستمرار وتطوير حال العائلة للأفضل ، فهي صاحبة تملك البيت الكبير وجمع حبات العقد ،وهي التي تقوم بهذا الأمر بحكمة وحنو وحب ، يجعل انقياد أفراد العائلة لها أمر مرغوبا 
ومحببا لهم 
 ولكن الكاتبة تبدو مشغولة بالتطلع للمستقبل وللتغيير ولتحقيق العدل الاجتماعي بمستواه العام وهذا ما يفسر مشاركتها دونا عن أفراد العائلة في ثورة 25 يناير الداعية لتحقيق العدل والحرية والكرامة والتغيير الاجتماعي الشامل .


 كان من المهم ان تفرد الكاتبة فصلا كاملا لثورة يناير – يونيو وانعكاساتها علي أحوال العائلة الكبيرة ، كما أن كتابة السيرة الذاتية تتطلب قدرا أكثر قسوة مع الذات ،ولكن وجود اغلب أفراد العائلة علي قيد الحياة وبأسمائهم الحقيقية حال ذلك دون تعرية لهذه الطبقة المتوسطة ومواقفها من تغييرات المجتمع ،كما حرمنا من رصد فترات مراهقة الكاتبة وأخوها وإخفاقات أخري تعرضت لها في حياتها ،وكل هذا يمكن استكماله في جزء ثان للسيرة الذاتية سيكون هذا مفيدا جدا في عملية التوثيق الحقيقي لحياة عائلة تمثل عينا سحرية نري منها حالة المجتمع المصري في فترة تاريخية محددة بكل تناقضاته .

الجمعة، 23 يونيو 2017

حلاوة هند صبري ولعبة السرطان !



 !حلاوة هند صبري ولعبة السرطان

من زاره السرطان سواء أقام معه أو زاره وتركه ، سيثمن كثيرا هذا العمل الرائع (حلاوة الدنيا )،وسيقدر روعة وحساسية وإحساس الفنانة الموهوبة هند صبري وخاصة اليوم في الحلقة 27 ،وهي تتحدث وتؤدي مشهد من أروع مشاهدها علي الإطلاق ، تعبر عن أحاسيس مختلطة من الرفض واليأس والغضب والإحساس بالظلم ،والحديث إلي الله لماذا أنا ؟ فيما أخطأت ؟ كيف تتحول نظرات التعاطف إلي إبر تشك جسدها من أقرب الناس إليها ، كيف يقلب المرض حياتك ويغير نظرتك للعالم ، كيف يمكن للتعاطف الخاطئ أن يسمم روحك ، كيف يهرب منك اقرب الناس إليك، كيف تثبت علي أرضية الأيمان وبداخلك كل هذا القهر والإحساس بظلم الإصابة بمرض لعين ،كيف تثبت علي أرضية الأمل وزلزال السرطان يضربك بقسوة ، كيف تتبدل مواقف وتسقط أقنعة وتلقي الدعم الصحيح من أناس لم تتوقع منهم ذلك ابدا ، حقا أنه اختبار قاسي لمريض السرطان وللمحيطين به ،(حلاوة الدنيا ) الذي كنت أفضل أن يكون اسمه حلاوة الروح ،عمل مميز هو الأهم في تقديري ليس بدافع ذاتي ،ولكن لأنه يمس قضية تخص الملايين من المصابين به ،كيف يلعب معك السرطان ،وكيف تتبدل نتائج التحليلات لتقذف بك من قمة الأمل لقاع الإحباط والعكس دون هوادة ،أما بسبب لعب السرطان أو بسبب فساد المعامل !و كيف يطلب منك أن تكون في قمة القوة وجسدك في نهاية منحدر الانهيار ، كيف يمكنك التعامل مع جراحات وأدوية وعلاجات مؤلمة وقاتلة بدون يقين حقيقي بأنك ستنال الشفاء ، كيف تمر الأيام ،وأنت لا تدرك هل ستلتقي في نهاية طريق الجراحات والإشاعات والتحاليل والآلام بالشفاء أم بالموت ، الموت الذي لم يعد يخيفك ،قدر الألم اليومي ،ونظرات المحيطين الغبية التي لا تحمل تعاطفا صادقا قدر ما تحمل من شفقة علي أنفسهم من أن يصابوا بنفس الكارثة ،هو عمل يدين إنسانيتنا الضيقة جدا ،وأنانيتنا وضعفنا أمام وحش السرطان ،هند صبري هي الأروع ،فما قدمته من مشاعر وعن تجربة لا يمكن أن يجسدها الإ ممثل عظيم ، أو ممثل مر بذات التجربة ، السيناريو والحوار مبدع ، وأن كنت أتمني أن يمر من تخلي عن علاقته بهند صبري في العمل بنفس المصاب ! لنري هل ستتخلي عنه حبيبته الجديدة !وكيف سيقيم موقفه السابق من هند ؟ القماشة تحتمل الكثير من الإبداع،واللعب علي تغير وتبدل المواقف وعلي ضعف الإنسان وقوته . أعرف كثيرين رفضوا متابعة العمل لجزعهم من فكرة مشاهدة المرض دراميا متلفزا حتي ! واعرف مجتمعات كاملة تجزع من مجرد نطق أو ذكر المرض وتستبدله بالمرض البطال ! ..............من مر بالتجربة أو حتي اقترب منه السرطان أو زاره زيارة عابرة ونجا منه ،فقد منحه الله الكثير الكثير جدا ...اللهم لك الحمد والشكر كثيرا 

الأربعاء، 7 يونيو 2017

(رامز) جريمة جماعية بامتياز

(رامز) جريمة جماعية بامتياز 


ليست جريمة رامز بمفرده ! أبدا:
1- أولا هناك جهة أنتجت هذا السخف الملفق بملايين الدولارات .
2- وهناك شاشات عرض رحبت وعرضت وربحت الملايين أيضا .
3- وجهات إعلانية دفعت ملايين أثناء بث هذا السخف .
44- هناك جريمة أرتكبها كل الفنانين المشاركين ولا حجة لهم ، فكان بإمكانهم رفض الأجر ومنع إذاعة الحلقة ورفع قضية وطلب تعويض مالي، حد علمي لم يفعل ذلك الإ عدد قليل جدا علي مدي الأعوام الماضية .
55- جريمة الفنانين المشاركين لا تقتصر علي ذلك فهم ليسوا ضحايا ،ولكنهم اشتركوا في خداعنا وكانوا يعرفون بالمقلب المدبر لهم سلفا ،والدليل علي ذلك توزيع الكاميرات والتقطيعات أثناء المقلب لا يمكن أن تتم دون وضع عدة كاميرات في أماكن متفرقة والكاميرات لا يمكن وضعها في مكان صحراوي مكشوف دون أن يراها الفنان هدف الحلقة !فهناك كاميرات من أمام رامز وخلفه وفي كل الزوايا وكاميرات داخل السيارة وخارجها وتسير معها !
6- ثم أن الصوت واضح جدا ،وهذا ما كشفته حلقة فنان شاب هو مصطفي خاطر وحلقة  الفنان أحمد فتحي حيث ظهر (ميكرفون الصوت )موضوعا في قميصهما !!في النهاية الأمر كله ملفق وحتي وأن لم يكن كذلك ،فموافقة الفنانين علي الإذاعة جريمة !والفنانين الكبار ارتضوا المهانة ووافقوا علي تمثيل المقلب مقابل مبلغ مالي مغري جدا !
7- جريمة رامز تشترك فيها كل الهيئات الرقابية ،والإعلامية  والمنوط بها حماية مواثيق الشرف الإعلامي ،والتي التزمت الصمت .
8- جريمة رامز تشترك فيها نقابة الممثلين التي التزمت الصمت طوال 33 سنوات من المهانة والسخف بل أن نقيبها أشترك في حلقة من حلقات البرنامج العام الماضي .
9- جريمة رامز يشترك فيها هيئات غير فاعلة  لم تتصدي للمهزلة عاما بعد عام والتزمت الصمت ،وغياب نقابة للمشاهدين تحمي حقوقهم ،وغياب نقابة للإعلاميين تحاسب تلك القنوات علي ما تعرضه !
100- - جريمة رامز أساسها أن الربح والفلوس أصبحت القيمة المثلي والعجل المقدس الذي تقدم له القرابين وتذبح من أجله المبادئ والقيم ,فالكل يقبض والكل يربح ،والأخلاق والقيم وأطفالنا هم وحدهما الخاسرون !
11- جريمة رامز جريمة جماعية تعبر عن حالة دول عربية تم تتفيه الفن والثقافة وضرب التعليم  فيها علي مدي أكثر من أربعين عاما ،حتى وصلنا إلي مرحلة رامز !مرحلة استثمار المهانة والسخف والخداع تجاريا !!! فلو كانت هناك نهضة ثقافية فنية لما ظهر هذا السخف ولما التفت إليه أحد !
12-  جريمة رامز تعبر عن غياب دور وزارة الثقافة ،وتعبر عن تدهور الإعلام الخاص وتردي الفنون ،فلا مسرح ولا صناعة كتاب ولا حركة ترجمة ولا سينما حقيقية، أخليت الساحة للتفاهة والتسلية الفجة .!
13- - جريمة رامز يشترك فيها جمهور المشاهدين الذين يلعنونه ،ولكنهم لم يتوقفوا عن متابعته .
144- - جريمة رامز لا تعبر عن كونه هو مريضا نفسيا فقط ، بل تؤكد أن مجتمعاتنا العربية مريضة نفسيا لأنها تتابع وتستمتع بالتشفي من نجومها ،وربما تسعد لوقوعهم المفتعل في ورطة ، فلطالما شاهدوا النجوم في أعلي مكانة ،فلماذا لانتشفي من نجاحاتهم ! ونراهم يهانون ويرتعدون أمام الموت .!!

الأربعاء، 2 نوفمبر 2016

كم ينفق المصريون علي التعليم؟




كم ينفق المصريون علي التعليم؟

حصل د,عبد الخالق فاروق  الخبير الاقتصادي علي جائزة الدولة التشجيعية عن هذه  الدراسة التي تكشف الأعباء المهولة التي أثقلت كاهل الأسر المصرية عبر عدة عقود ، توضح الدراسة أن حجم الإنفاق العائلي علي التعليم هو ضعف الإنفاق الحكومي ، ،وتكشف  كيف زحفت حشرات الرأسمالية  الطفيلية وقضت علي مفهوم مجانية التعليم الذي ناضلت أجيال لتحقيقه ،حتى أن جامعاتنا الحكومية اخترعت  أقساما خاصة لتحصيل آلاف الجنيهات ! ويرصد الكتاب الفترات التي  تلازمت فيها النهضة الشاملة للأمة المصرية بقيام وتأسيس نهضة تعليمية حقيقية ، فكان عهد محمد علي هو بداية النهضة التعليمية الحديثة وتأسست فيه نحو 1500 مدرسة  ، لينخفض هذا العدد في عهدي الخديوي سعيد وعباس إلي 114 مدرسه فقط !ثم تزداد لتصل إلي أكثر من 4500 مدرسة في عهد الخديوي إسماعيل ،من ضمنها أول مدرسة  لتعليم البنات وهي مدرسة السنية ،ثم تتراجع المنظومة التعليمية مع انكسار تجربة الخديوي إسماعيل وبعد وأثناء الاحتلال البريطاني لمصر ،ثم نري طفرة جديدة في عهد سعد زغلول والنحاس  وحكومات الوفد بقيادة طه حسين ،واشتراطه أن تمتد المجانية للمرحلة الثانوية لكي يقبل وزارة المعارف ، ثم يأتي عبد الناصر ليقر مجانية التعليم في المرحلة الجامعية ،ثم ينهار التعليم مجددا مع هزيمة 67 ومع تبني سياسات الانفتاح الاقتصادي ، وتحول التعليم لسلعة ،والأتساع الرهيب للمدارس والجامعات  الخاصة بأنواعها المختلفة ،وغياب الرقابة  التعليمية الحقيقية عليها ،مع تدني وتدهور أجر المعلم ومناهج التدريس والأبنية التعليمية  ! وانتشار السوق السوداء التعليمية وانهيار القيم المجتمعية بشكل عام ، حتي وصلت أجيال حاصلة علي شهادات جامعية وتعاني الأمية الحقيقية في مجالات تخصصها لمراكز صنع القرار! ، فلا عجب أن تسقط البنايات الجديدة بينما القديمة تظل سليمة ،ولم يكن غريبا أن تتردي مستويات العلاج في جميع المستشفيات والعيادات ، وكان طبيعيا أن يخترق الأزهر من  الجهلاء والمتطرفين والسلفين فتغيب رسالته الوسطية,
ولم يكن عجيبا  أن تتدهور الثقافة والفنون ، فلا تجد سينما أو مسرحا أو فنا حقيقيا ،بعد أن سيطر تجار الخردة واللحوم علي عقل ووجدان الأمة! ولم يكن غريبا أن نجد وزيرا للتعليم ووزير سابقا  للثقافة ورئيسا لمجلس النواب وهم جميعا لا يجيدون  قواعد اللغة العربية  والإملاء!ولم يكن عجيبا أن يلحق العوار بالمؤسسة القضائية ،فعندما تهمل أمه التعليم فأنها تحكم علي نفسها بالعودة للعصور المظلمة ، ولنتأمل كلمات ( فيكتور شيا)  وهو خبير تعليمي من كوريا الجنوبية التي نهضت من الحضيض بفضل التعليم والقضاء علي الفساد، حيث يقول ( لا توجد دولة تتحمل إنتاج جيل كامل دون تعليم جيد ، فهذا الجيل سيدمر الدولة داخليا لتتفتت وتفقد وجودها ، الشرق الأوسط أهمل التعليم 
والآن يدفع الثمن .).
طارق عبد الفتاح 
خبير إعلامي 

Tarekart64@hotmail.com

 


الجمعة، 28 أكتوبر 2016

المهرجان القومي للسينما

المهرجان القومي للسينما

بعد أن تم احتكار السوق السينمائية لصالح منتج واحد ،وأصبح متحكما في تشكيل عقل ووجدان الناس  ببضاعة  فاسدة ومغرضة ، وبعد ضرب قطاع الإنتاج الدرامي منذ عدة عقود ،واحتكار بضع شركات سعودية وخليجية لصناعة الطرب المصري ،وتوقيعها عقود احتكار لكبار مطربينا مع عدم إنتاج أية أعمال لهم !بالإضافة إلي سرقة تراثنا الثقافي والفني والسينمائي وبيعه ، لفضائيات خليجية وإسرائيلية وهكذا أحكم الحصار الخطير ، المضاف إليه تردي العملية التعليمية بشكل عام ،وبشكل خاص في أكاديمية الفنون ومعاهدها الفنية ،وهكذا نري إنفرادا من تجار الخردة واللحوم بصناعة العقل والوعي والفكر ،مع انسحاب شامل للدولة ، يأتي المهرجان القومي للسينما بأفلامه الروائية القصيرة والتسجيلية ، كنسمة هواء في مناخ شديد الحرارة ،ونري أن أفلاما تحررت من قبضة المنتج المشبوهة الموجهة لإغراض غامضة ،أو لتحقيق أرباحا فوق أي قيمة فنية ، في فيلم (نازلين التحرير ) يغوص مخرجه سميح منسي في ميادين ثورة 25 يناير ، ليقبض علي لحظة تاريخية ، صرفت ملايين الدولارات من قوي الثورة المضادة لمحوها من الذاكرة الوطنية ،والفيلم ينتهي وهو يصدر إليك الإحساس بأن القصة لم تكتمل وبأنها تحتاج لجز ثان من الفيلم ، فالثورة نفسها لم تكتمل، هكذا تم إجهاض الحلم الجماعي في التغيير ، بينما تنجح زينب في تحقيق حلمها الفردي ، والقفز فوق واقعها المكبل ،في بيئة صعيدية حددت منذ قرون واجبات معينة للمرأة ،ولكن بساطة الحلم وصدق زينب وتصوير وموسيقي الفيلم والإخراج ، دفعوا المشاهد للتأثر ،فقد صارت الأحلام عسيرة رغم بساطتها ، فما نسميه أحلاما في واقعنا العربي كله ، هو حقوق إنسان أساسية يحصل عليها المواطن في كل العالم ونحرم ونناضل نحن من أجلها ، هكذا منحت إدارة المهرجان الجائزة الأولي لفيلم الحلم الفردي زينب ومخرجه مراد السيد ،وربما حجبت الجوائز عن فيلم الحلم الجماعي لأسباب سياسية فقد صارت الثورة الآن ويا للعجب في قفص الاتهام !ويقضي شبابها أحكاما قضائية بالسجن !، ثم يكشف فيلم آه عن العنصرية ، وعن أهمية أن تكون إنسانا قبل أن تعتنق أي مذهب أو دين ، وبلغة سينمائية عالية الاحترافية ومكثفه وسريعة الإيقاع ،وناجية من المباشرة وإلقاء الحكم والمواعظ ،ولا أدري كيف لم يحصل العمل ومخرجه علي أي جوائز!مهند دياب مخرج العمل قدم لغة سينمائية تستحق الإشادة ، بينما يقدم أمير رمسيس فيلمين مهمين ، يكشفان باعترافات زعماء الحركات الأصولية المتطرفة ،عن فساد هذه الجماعات ،ودمويتها واستغلال قيادتها لقواعدها ،بل وجنون بعض قياداتها ،وأوهامهم عن
أنفسهم بأنهم أنبياء تتنزل عليهم الملائكة !والميزة الحقيقية أن هذا الكشف يأتي من كلامهم ومن اعترافاتهم ومن قناعاتهم ، كما يأتي فيلم حار جاف صيفا ، ليؤكد علي فكرة عزلة الإنسان  في القاهرة الملوثة والخانقة والتي انتشر فيها السرطان انتشار النار في الهشيم ، فمريض السرطان يشفي فقط بجرعه بسيطة من الأمل والحب المتوهم !والممثل الذي أدي الدور كان مستحقا لجائزة تمثيل ، ولكن يبدو أن جوائز المهرجان ، لها معايير خاصة وربما يحتكرها الممثل المشهور فقط ! ومن غير المفهوم في حفلات افتتاح وختام المهرجان القومي للسينما أو مهرجان المسرح التجريبي وغيره من المهرجانات ، هو الإصرار علي تقديم عروض راقصة هزيله !في الوقت الذي توجد لدينا فرق رقص محترفة وعريقة ومتخصصة  تابعة لدار الأوبرا المصرية .
علي وزارة الثقافة ممثلة في المركز القومي للسينما ،وصندوق التنمية الثقافية والإدارة العامة للثقافة السينمائية بهيئة قصور الثقافة أن يلعبوا أدوارا أكبر وأكثر حقيقية في دعم مادي كامل  لهذه الأفلام وانتقاء المواهب والسيناريوهات المتميزة وتخصيص دور عرض سينمائي تعرض الأفلام القصيرة والتسجيلية فقط ، مع فرض عرض هذه الأفلام قبل الأفلام الروائية الطويلة ،أن سياسة دعم المهرجانات الاحتفالية للسينما ،دون وجود صناعة سينما قوية وحقيقية ودون حتى إنتاج سينمائي مشرف هي كوميديا سوداء لا يجب أن تمتد من زمن فاروق حسني إلي زمن النمنم .!

طارق عبد الفتاح
خبير إعلامي

Tarekart64@hotmail.com