عقد لولي
السيرة الذاتية (عقد لولي) للكاتبة والمترجمة الشابة نيفين فائق تتناول حياة عائلة تنتمي لأعلي شرائح الطبقة المتوسطة ،وتتعرض لذكريات
كانت العلاقات الإنسانية الرومانسية أهم شيء والروابط العائلية هي الأقوي والتفوق العلمي والدراسي هو المعيار الأساسي للتميز والتقدم الاجتماعي ، كما تتناول الروابط الحميمة بين أفراد العائلة وبين العاملين علي إدارة البيت الكبير ،وترصد الكاتبة شفافية الجدة والحفيدة في رؤية شبح الموت قبل اختطافه لأعز حبات العقد الفريد ،والحقيقية أن عنوان السيرة يحمل المعني المباشر ،ولكنه يخفي كما الكنوز، معني أغلي فحبات العقد هم أفراد عائلة الجدة كاميليا التي تحمل اسم التمليح( لولي )،ومن ثم فان الكاتبة تقدم صورة فوتغرافية لأحوال هذه الطبقة بكثير من النوستالجيا لماضي قريب بعيد ،وكأنها ترفض مرور الزمن في محاولة سيزيفية للسيطرة علي لحظات وأيام فرت منا جميعا ولم يعد لها وجود بكل جمالها ،وهو جمال ترصده الكاتبة في تفاصيل دقيقة بسيطة ، كفكرة التآمر من أجل شراء حذاء باهظ الثمن وقتها 45 جنية من محل توب وماركة ريم ويحمل شرشوبتين مميزتين ،وهو زمن اختفت فيه مهن كالترزي الذي يحفظ تفاصيل ومقاييس أفراد العائلة فردا فردا وبائع اللبن التقليدي ،وأسرة عم محمد حارس البيت الكبير ،والأهم من كل ذلك أنه زمن كان الحب والصداقة والتفوق العلمي والرياضي والطموح أهم ما يميزه ،وهو زمن ساد فيه التسامح والاعتدال والتحرر ،كما أنه زمن الأحلام الجميلة ،وزمن الشفافية والروحانية حيث يختلط الحلم بالواقع، والكاتبة تقدم قصة حب هي الأهم علي مر عمرها كله بجدتها لولي ، التي تبدو وكأنها أهم وأكبر حبات العقد بل أنها رابط العقد وحبله السري ،فهي أم وجدة وسيدة مجتمع ومثقفة ومديرة وقائدة ،ومشغولة دائما باستمرار وتطوير حال العائلة للأفضل ، فهي صاحبة تملك البيت الكبير وجمع حبات العقد ،وهي التي تقوم بهذا الأمر بحكمة وحنو وحب ، يجعل انقياد أفراد العائلة لها أمر مرغوبا
ومحببا لهم
ولكن الكاتبة تبدو مشغولة بالتطلع للمستقبل وللتغيير ولتحقيق العدل الاجتماعي بمستواه العام وهذا ما يفسر مشاركتها دونا عن أفراد العائلة في ثورة 25 يناير الداعية لتحقيق العدل والحرية والكرامة والتغيير الاجتماعي الشامل .
كان من المهم ان تفرد الكاتبة فصلا كاملا لثورة يناير – يونيو وانعكاساتها علي أحوال العائلة الكبيرة ، كما أن كتابة السيرة الذاتية تتطلب قدرا أكثر قسوة مع الذات ،ولكن وجود اغلب أفراد العائلة علي قيد الحياة وبأسمائهم الحقيقية حال ذلك دون تعرية لهذه الطبقة المتوسطة ومواقفها من تغييرات المجتمع ،كما حرمنا من رصد فترات مراهقة الكاتبة وأخوها وإخفاقات أخري تعرضت لها في حياتها ،وكل هذا يمكن استكماله في جزء ثان للسيرة الذاتية سيكون هذا مفيدا جدا في عملية التوثيق الحقيقي لحياة عائلة تمثل عينا سحرية نري منها حالة المجتمع المصري في فترة تاريخية محددة بكل تناقضاته .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق