الثلاثاء، 9 أبريل 2013

الجيش ليس الحل !



 نشر في جريدة المشهد 24-30 مارس 2013
 
 
الجيش الجيش !

البعض يردد الجيش الجيش على طريقة اللنبى !
من الجيش والشعب أيد واحدة إلى يسقط حكم العسكر ! إلى سؤال متى ينزل الجيش ؟

لماذا فشلت توقعات تشومسكى بقمع الجيش للشعب ؟
هنرى كيسنجر : الصدام بين الجيش والرئاسة قادم ووشيك !
هيكل : لا أتوقع نزول الجيش ولا أتمناه !
الغيطانى : توكيلات الجيش تشبه توكيلات الشعب لسعد والوفد !
ولابد من وضع مادة دستورية تتيح للجيش الحفاظ على هوية مصر .
نوارة نجم : المجلس العسكرى قتلنا وأنهكنا !
والعسكر يقتل فى المظاهرة وتجد الجثة بينما الإخوان يخطفونك ولا تجد الجثة !
علاء الدين إبراهيم ..بعد القضاء على الشرطة الدور على الجيش !
البرادعى : الجيش الحصن الأخير حال إنهيار الدولة وشيوع الميلشيات !
إتصالات الجيش بالرئاسة وراء تراجع النائب العام ووقف الضبطية القضائية !
هل يقتسم الجيش السلطة وفق عقد وصفقة جديدة مع الإخوان ؟
أوجه التشابه بين الإخوان والجيش ؟

تكشف دور لحماس فى جريمة رفح سيقلب الطاولة على النظام !

تغيير زى الجيش المصرى يعكس المخاطر التى تهدد الأمن القومى !

لا يمكنك أن تفرض شروطا على من أتى لينقذك من الغرق !

هل يتم تحويل الصدام إلى إقتسام سلطة جديد بين الجيش والإخوان !

سؤال متى ينزل الجيش يقابله سؤال متى ينزل الشعب ؟

 نزول الجيش يعكس فشل السلطة والقوى السياسية معا !

لماذا أصطحب مرسى وزير الدفاع فى زيارته لباكستان والهند ؟

أشواق المصريين للجيش !
اللنبى ردد عبارات كالشوق الشوق والحب الحب وبنفس العفوية خرج قطاع من الشعب المصرى مرددا الجيش الجيش عاكسا أشواقه ورغبته الجامحة فى أن ينزل الجيش للشارع السياسى ويتولى إدارة حكم البلاد وذلك بعد أقل من 9 شهور من الحمل الإخوانى الكاذب وتبين خطورة تهديدهم لمفهوم الدولة ومعنى الوطن ! المشهد يبدو عبثيا وسرياليا بإمتياز فبعد أن كان الهتاف الجيش والشعب أيد واحدةفى الأيام الأولى للثورة  ..أنقلب بعد تولى المجلس العسكرى  للفترة الإنتقالية ليصبح يسقط يسقط حكم العسكر ! ليعود البعض الأن ليسأل أين الجيش؟ ...فالثورة التى لم تكتمل تركت الميدان للمجلس العسكرى لكى يستكمل لها أهدافها! فأدار الفترة الإنتقالية بشكل سىء ودموى من أحداث التعذيب بالمتحف المصرى مرورا بمجلس الوزراء وماسبيرو وفضيحة كشوف العذرية إلى تعامل وحشى مع أهالى القرصاية !...فخرج الميدان ليطالب بسقوط حكم العسكر !وبعد أن أقال مرسى المشير وعنان ..عاد قطاع من الشعب ليطالب بعودة الجيش بعد أن ذاق الأمرين من حكم الإخوان وجماعتهم ! ورغم أن عددا كبيرا من المحللين السياسين يرى أن المجلس العسكرى سلم مصر تسليم مفتاح  للإخوان وفق صفقة متبادلة واضحة الأ ان سنحاول فهم ما يجرى الأن ...
لماذا خابت توقعات تشومسكى ؟
...عندما سؤال المفكر الأمريكى اليسارى ناعوم تشومسكى من عدة أشهر عن توقعه بتصاعد الإحتجاجات ضد الإخوان من عدمه فى الفترة القادمة أجاب بكل تأكيد سيحدث وأضاف بأنه يتوقع قمعا عنيفا من الشرطة والجيش لهذه الموجة الجديدة من الإحتجاجات !وفسر أسباب قمع الجيش ووقوفه ضد موجات ثورية قادمة لأنه لن يسمح بقيام نظام ديمقراطى حقيقى يضع فى النهاية إمبراطوريته الإقتصادية تحت الرقابة الشعبية الديمقراطية !كما أضاف بأن الجيش يتمتع بعلاقات سياسية خاصة ومستقلة بالمخابرات الأمريكية!)
هذا رأى تشومسكى ولكن تأتى الأيام لتخيب نصف كلامه فالجيش رفض مرارا قمع تظاهرات الإتحادية وحاول مرسى أن يستخدمه هراوة لضرب أهالى بورسعيد ومدن القناة فذهب الجيش ليطفىء نيران أشعلتها الداخلية وأيادى أخرى خفية ولعب الكرة معهم بدلا من فرض حظر التجوال عليهم كما طلب وهدد وتوعد مرسى ..بل شاركهم الأحزان والألام بعد أن أصيب عقيد بالجيش وقائد وحدة التأمين برصاص الداخلية أو الأيادى الخفية !
 الصدام قادم لا محالة بين الجيش والرئاسة :
يرى هنرى كيسنجر أن الصدام بين مؤسسة الرئاسة والجيش حتمى وهى مسألة وقت ويحمل أدارة أوباما مسئولية فشله فى إدارة العملية السياسية فى مصر !ويعقد جمال الغيطانى وهو مراسل عسكرى سابق قبل أن يكون أديبا وكاتبا مقارنة بين التوكيلات التى تجمع للفريق السيسى وللمؤسسة العسكرية لإدارة شئون البلاد وبين التوكيلات التى جمعها الشعب المصرى للزعيم سعد زغلول وحزب الوفد لتحقيق الإستقلال الوطنى ! وهى مقارنة تتجاهل السياق والظروف التاريخية المختلفة!وحقيقة أن المجلس العسكرى هو ورطنا فى هذا المستنقع الإخوانى ولكن الكاتب  يشير إلى ضرورة وضع مادة عند تعديل الدستور تضمن للجيش التدخل أذا حاول فصيل سياسى تغيير هوية البلاد .
صعوبة نزول الجيش ؟
!بينما يؤكد هيكل على أن نزول الجيش أمر مستبعد وهو أقرب لفكر الأمنيات وهو إنعكاس لفشل القوى السياسية سلطة ومعارضة فى إدارة دفة الأمور وتمنى الأ نضطر الجيش المصرى للتدخل  وأن نساعد مرسى لكى لا يحدث هذا التدخل ...بينما فهمت تصريحات البرادعى فى تقديرى بشكل خاطىء فهو لم يطلب أو يستدعى الجيش ولكنه قال بالتحديد : أن جبهة الإنقاذ عندما وافقت على دعوة الجيش للحوار قبلتها لأن الجيش ليس طرفا فى الأزمة السياسية بعكس الرئاسة ولا يجب أن يدخل الجيش مرة أخرى للحياة السياسة لأننا أكتفينا بعقود من حكم الجيش ولكنه بلا شك الحصن الأخير حال إنهيار الدولة وفقدان  الأمن وشيوع الميلشيات ...ويبدو أن الجملة الأخيرة تم إجتزائها من تصريحات البراعى عمدا لإشاعة أنه يطلب تدخلا عسكريا !وربما لأن ورود كلام من هذا النوع على لسان البرادعى فى حد ذاته يشيع نوعا من التصديق بأن الأمور تسير فى هذا الإتجاه أى إنهيار الدولة ومن ثم وجوب تدخل المؤسسة العسكرية !والحقيقة أن موضوع شيوع الميلشيات قد أثار غضب الجيش وبعد إبداء القوات المسلحة غضبها من قانون الضبطية القضائية للمواطنين أتصلت الرئاسة بالنائب العام للتراجع عن تصريحاته فى هذا الشأن بعد إتصالات عديدة تلقتها الرئاسة من المؤسسة العسكرية للتأكيد على أن الجيش لن يسمح بحرب أهلية هذا الرأى عبر عنه أيضا عددا كبيرا من الكتاب والصحفيين منهم علاء الدين إبراهيم الذى أعتبر أن إنهاك الشرطة وظهور الميلشيات جزء من مؤامرة ستطال الجيش نفسه فى مرحلة لاحقة ومحاولة لإعادة التجربة الأيرانية .
منتهى العبث عن نطلب من الجيش أن ينقذنا ؟
بينما ترى الناشطة السياسية نوارة نجم أن مسألة عودة الجيش لا يمكن قبولها وتضيف (لا يمكن أن تنسى أنه بعد كنا ننادى الجيش والشعب يد واحدة قام الجيش بإطلاق الرصاص علينا !و هو من قتل مينا دانييال مثلا) وربما تتبدى قمة الكوميديا السوداء فيما أضافته نوارة من قولها أن الناس تقابلها وتقارن بين حكم العسكر والأخوان قائلة (أن الجيش عندما يقتل يقتل فى الميادين والتظاهرات والشوارع ونجد الجثة فى النهاية  !ولكن الإخوان يخطفوننا من أمام بيوتنا ويعذبوننا ثم لا نجد الجثة !!)
لا يوجد خلاف !
لا يمكن أن نتجاهل رأى البعض الذى يرى فى خلاف الجيش والرئاسة خلافا أشبه بالخلافات الزوجية التى لا يمكن أن تستمر الحياة الزوجية بدونها  !والبعض يرى أن كل ما يجرى هو أشبه بمسرحية ولا خلاف حقيقى بينهما !
وهكذا يمكنك أن تنتابك الحيرة وتسأل ألف سؤال هل سيفعلها الجيش أم سيظل صامتا ! وهل نريد ونحتاج فعلا لتدخل الجيش ؟وكيف سيكون هذا التدخل وسيصب فى مصلحة من فى النهاية ؟
للإجابة على السؤال سأعود لتحليل تشومسكى الذى خاب نصفه الخاص بأن يتحول الجيش لإداة قمع لشعبه ! ولكنه أشار إلى إمبراطورية الجيش الإقتصادية التى لن يتنازل عنها لنظام ديمقراطى حقيقى وعلاقته الوثيقة والخاصة  بالمخابرات الأمريكية ....ورغم أن هيكل يرى أن وجود إمبراطورية إقتصادية خاصة للجيش ليست شرا مطلقا أذا كانت تصب فى النهاية فى طريق تسليح وتعظيم دور القوات المسلحة ونضيف نحن بشرط الأ تتحول لمجرد بزنس يصب فى جيوب قياداته يمكن سن قوانين وتفاهمات تسمح بوجود إقتصاديات خاصة للجيش تحت إشراف ديمقراطى شعبى فلا تعارض أذا طبقت القوانين  بشفافية ..وربما أعطت علاقة الجيش بالمخابرات الأمريكية حرية الحركة بعيدا عن مؤسسة الرئاسة ! كيف هذا ؟
 حماس وتفجير الوضع ؟
 مثلا فيما يتعلق بعلاقة الإخوان بحماس ؟أصبحت مصدر قلق للمصريين والأمريكان على السواء صحيح أن الإخوان يمسكون بلجام حماس ولكن تقوية حماس بشكل مطلق ليس أمرا مرحبا به من الأمريكان ..ولا شك أن ظهور نتائج تحقيقات المخابرات فى حادث رفح الذى قتل فيه أكثر من 16 جنديا مصريا غدرا ومع ضبط ملابس عسكرية وشرطية مهربة من إنفاق إلى غزة !وما تبعها من تغيير زى الجيش المصرى ومع ضبط 7 فلسطينين وبحوزتهم خرائط للمنشآت السيادية فى مصر ثم الإعلان أن الخرائط لغزة ثم الإفراج عنهم بقرار رئاسى ! كل هذه ألغام قد تنفجر فى لحظة قادمة .
كما أن موقف الإخوان من الأقباط والمرأة من النقاط المزعجة للمجتمع الدولى والتى يمكن أن تجعل تدخل المؤسسة العسكرية لحماية الثوابت المجتمعية مقبولا دوليا وشعبيا فى نفس الوقت ..ولكن يبقى السؤال هل سيتدخل الجيش ؟ رغم أن تشومسكى رأى أن تدخل الجيش سيكون لصالح مرسى !ورغم إستبعاد هيكل لتدخل الجيش ورغم إستدعاء البعض للجيش فى الشوارع والإعلام الأ أن السؤال الأهم من سؤال هل سيتدخل الجيش ؟ هو سؤال كيف سيكون هذا التدخل أذا حدث؟ وسيصب فى مصلحة من ؟ أتوقع تدخلا للجيش فى عدة حالات أذا أنكشفت أسرار عملية رفح وما تلاها من ضبط لبعض الفلسطينين وموضوع الملابس العسكرية المزيفة والتى أضطرت الجيش إلى تغيير زيه الرسمى وتحذير المواطنين من إستخدام عناصر مشبوهة للصفة العسكرية !!...أو أذا إنهارت الأوضاع أمنيا وماتت الشرطة مرة أخرى !أو أذا طلب الرئيس تدخلا عسكريا لحماية الجبهة الداخلية ..أو أذا وقعت كارثة جديدة كبيرة أشعلت الأوضاع الداخلية وهددت الأمن القومى  مثل تشكل ميلشيات خاصة تكون بديلا للشرطة النظامية أو للجيش نفسه !وهذا ما أثار حفيظة المؤسسة العسكرية مؤخرا أوأذا ثار الشعب ثورة عارمة وكل ما سبق هو على وشك الحدوث ولكنه لم يحدث بعد بشكل بارز وقد عبرت عنه تصريحات قادة القوات المسلحة أنفسهم منها مثلا ( أذا أحتاجنا الشعب سيجدنا فى ثانية ) ونستطيع أن نلم الإخوان فى نصف ساعة !) وغيرها من تصريحات عكست حجم البخار الساخن المتصاعد من غليان عسكرى يتفاعل مع غليان شعبى وعند نقطة التلاقى سيكون هناك تدخلا حتميا ..ولكن هل يأتى التدخل فى صورة  إقتسام سلطة فيكون هناك رئيس يمثل المؤسسة العسكرية على أن يترك البرلمان للإخوان والسلفيين وفى النهاية يكون لدينا حكومة متأسلمة ورئيس متعسكر !.....
 شكل التدخل المطلوب ؟
 أن أفضل الأدوار التى يمكن أن يلعبها الجيش هى أن يكون رقيبا من خلف ستار على الأمن القومى المصرى بمعناه الشامل خارجيا وداخليا وأن يكون بجانب ذلك ضامنا للدولة المدنية العصرية الديمقراطية الحقيقية ...فهل يحقق الجيش لنا هذا الدور ؟ حتى يخرج الجميع هاتفا الجيش الجيش وحتى يسطر التاريخ بأحرف من نور أسم الجيش الجيش ؟
من ناحية أخرى تبدو عمليات تقوية وزيادة تسليح الداخلية مخاصمة للعصر وهى تشى برغبة لدى مؤسسة الرئاسة فى الإستعاضة بالداخلية عن الجيش ووضع الداخلية ليس فقط فى مواجهة مع الشعب ولكن فى مواجهة مع الجيش كما حدث فى بروفة مصغرة فى بورسعيد كان من نتيجتها أصابة عددا من جنود الجيش من غازات محرمة دوليا وأصابة عقيد وحدة تأمين القوات المسلحة برصاصة فى الفخذ.
 زيارة مشعل للمرشد ؟؟؟
أن تغيير زى الجيش المتزامن مع زيارة مشعل للمرشد العام وما نشر عن رفض السيسى لمقابلته ! يضع علامات إستفهام حول أسباب زيارة مشعل للمرشد العام للإخوان المسلمين من حيث توقيتها وأسبابها ولماذا تتم مع المرشد وليس مع مسئول منتخب كالرئيس مرسى أو رئيس مجلس الشورى أو حتى مع رئيس الحكومة ولماذا يأتى مشعل فى سيارات المخابرات المصرية ؟وهل جاء فقط لينفى ضلوع حماس فى أى عمل ضد الجيش المصرى ؟ وهل هذا يستدعى زيارة لمصر ولمرشد جماعة الإخوان ؟أم أنه جاء ليبحث كيفية مواجهة ما أنكشف من معلومات عن دور لحماس فى جريمة رفح ! وكيف ستواجه جماعة الإخوان بفرعيها فى مصر وحماس هذه الكارثة أذا تم إعلان نتائج التحقيق فى هذه الجريمة القذرة !
العملية نسر غموض وتخبط !
أن منع الجيش من إستكمال العملية نسر وإسنادها للداخلية كان أمرا
مخلا بضرورات الأمن القومى كما يفهمها قادة القوات المسلحة وإسناد مهمة لجهة غير مؤهلة !كما أن محاولات منع ردم الإنفاق التى يقوم بها الجيش وتصريحات طائشة من المرشد عن الجيش ثم إعتذاره وشتائم من هنا وهناك ...كل هذه الأمور تصب فى وجهة نظر هنرى كيسنجر الذى يرى أن أسباب الصدام تقترب وتزداد بين مؤسسة الجيش ومؤسسة الرئاسة ..أن خطاب مرسى عن الجيش والشرطة داخل معسكرات الأمن المركزى لم يكن موفقا ..فالحديث عن الجيش لا يمكن قبوله وأن تتحدث فى بيت الداخلية ! ثم زيارة مرسى الأخيرة لباكستان التى أصطحب فيها وزير الدفاع الفريق السيسى كان أمرا غريبا !..فلا توجد أى أفاق تعاون عسكرى بين مصر وباكستان !ولا مبرر لإصطحاب السيسى الأ أحد أمر من أثنين هو رغبة الرئيس وجماعته فى أرسال رسالة خاصة للرأى العام بعدم وجود مشاكل بين الرئاسة ومؤسسة الجيش ..أو أن الرئيس وجماعته لا يطمئنون لبقاء وزير الدفاع فى مصر أثناء زيارة الرئيس لباكستان !
الموقف الأمريكى من الإخوان ؟
 سيمثل موقف الولايات المتحدة الأمريكية من نظام مرسى وإستمرار حالة الأضطراب الأمنى والسياسى والإقتصادى عنصرا أساسيا فى تحرك الجيش من عدمه  .. ووقوع أحداث جديدة قد تدفع فى هذا الإتجاه أو ذلك الطريق فصحيح أن نظام مرسى الإخوان قدم لأمريكا عدة ضمانات خاصة بأمن إسرائيل والحفاظ على إتفاقات السلام وضمان الملاحة بقناة السويس وإستمرار تمويل وتسليح الولايات المتحدة للجيش المصرى هذا كله كان شهادة مرور الإخوان للحكم والسلطة ولكن ما قيمة كل ذلك مع شارع مضطرب وحوادث قتل يومى وإقتصاد متردى وأمن ضائع ونظام حكم لا يلقى الرضى والقبول الشعبى ! من المؤكد أن الولايات المتحدة تفكر فى البديل الأمن الأن وربما يكون بالفعل جاهزا !!وأذا لم يكن البديل هو المؤسسة العسكرية نفسها أو أحد رجالها فلتدير هى فترة إنتقالية حتى يتم إعداد وتجهيز البديل !أن مؤسسة الجيش فى الغالب قادرة على منح أمريكا نفس الضمانات التى قدمها نظام الإخوان من إحترام إتفاقات السلام مع إسرائيل وضمان سلامة الملاحة بقناة السويس والأبقاء على إحتكار أمريكا لتسليح الجيش المصرى ..هى ضمانات تقوم بها القوات المسلحة حاليا ومن الممكن إعطاء ضمانات بالمحافظة عليها مستقبلا  ولكن مضافا إليها قدرة أكبر على خلق إستقرار أمنى وإقتصادى فبالتأكيد سيكون بديل القوات المسلحة أفضل لأمريكا من الإخوان لعجزهم عن خلق هدوء وإستقرار أمنى وإقتصادى ومجتمعى أيضا !
ولكن ما كشفت عنه أزمة الرئاسة بالمؤسسة العسكرية عدة أمور منها أولا : عجز السلطة فى خلق إستقرار أمنى ورضى شعبى وهدوء وإطمئنان  إقتصادى ..مما سحب من شرعية نظام الحكم وأحقيته فى الإستمرار .
كشفت الأزمة عن عجز القوى السياسية والمعارضة لشغل الفراغ الذى لم ينجح الإخوان فى ملئه !
أن إغتصاب الجيش للسلطة لا يمكن قبوله لا شعبيا ولا دوليا ولن يمثل حلا بل سيمثل مسكنا مؤقتا سرعان ما سيدفع بالتوتر والأضطراب للبلاد لذا وجب أن يكون التدخل تدخلا جراحيا ماهرا يزيل الورم السرطانى وينزع فتيل التفجر ..ويضع أسس سليمة وسنكون مضطرين للعودة للمربع صفر وهذا سيكون أقصر طرق السلامة بتشكيل مجلس رئاسى بقيادة وزير الدفاع لإدارة المرحلة الإنتقالية وتسوية الطريق وآزالة الألغام وإعادة الأمن ووضع أسس أصلاح إقتصادى فورى ..ثم وضع دستور مؤقت لحين كتابة دستور ممثل لكل المجتمع ..ثم توفير مناخ وقوانين سليمة لإقامة إنتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة وعادلة ويبقى دور الجيش كالرقيب على الأمن القومى الخارجى والداخلى والضامن للدولة الدستورية .. الديمقراطية والحافظ لهوية البلاد مستمرا ...هذا هو طوق نجاة لثورة ولدت بدون قيادة وتركت الساحة للمشير طنطاوى ليكمل لها أهدافها ! ثم أرتطمت بأجندة الإخوان وتنظيمهم الدولى وأفكارهم الخاصة بالخلافة وأفكارهم الماضوية المخاصمة للعصر والمستقبل ثم تاهت وإستنزفت وشوهت وتوجر بها وأغتصبت وأنتهكت حتى تم إعيائها تماما وتكفيرها وشيطنتها ...وصارت تحتاج بالفعل إلى هدنة مؤقتة لتسترد قواها وتلد قيادة حقيقية مطابقة لإحلامها تقودها ولا تسير خلف ردة فعل الشارع ! فمشكلة جبهة الإنقاذ أنها دائما متأخرة وتأتى قراراتها كرد فعل للشارع ..فلا هى تقوده ولا تدفعه للأمام ..فأعظم قراراتها الخاص بمقاطعة الإنتخابات والذى يراه البعض ثوريا رآه الكثيرين قرارا طبيعا وأى قرار أخر كان معناه نهاية هذه الجبهة شعبيا ..ولكن الخطوات التى كان يجب أن تتخذها هو العمل فى الشارع وبناء شعبية حقيقة سواء بالأعمال المدنية وأن يدفع أغنيائها ضريبة الوطن فى إنشاء إعلام ثورى من خلال مؤسسة إعلامية تنويرية مستقلة تضم صحفا وإذاعة وقناة تليفزيونية ...وأن تنزل هى للشارع وتقوم بإداء واجبها قبل أن تطلب الحل السهل بنزول الجيش .
..فى حرافيش نجيب محفوظ هل يمكنك أن تفرض شروطا على فتوة  تطلب منه إنقاذك من فتوة أخر يظلمك؟ فضلا عن كونك لا تضمن هل سيقيم العدل أم أنك ستستبدل ديكتاتورا بآخر !
كما أن الفترة الإنتقالية مازالت ماثلة بكل قبحها ..فهناك إنتهاكات فادحة وفاضحة مورست ضد المتظاهرين وتم تعذيبهم داخل أسوار المتحف المصرى وهناك شهداء وقتلى بيد المجلس العسكرى فى أحداث مجلس الوزراء ومحمد محمود ومواطنين هرسوا تحت مدرعات الجيش وهناك متظاهرات تم هتك إعراضهن وتصويرهن فى فضيحة كشوف العذرية وهناك قتلى القرصاية !... المجلس العسكرى مسئول عن المسار الخاطىىء بالبدء بالإستفتاء الذى قادنا إلى حلقة دموية مفرغة أوصلت تيارات متشددة للسلطة و عرضت أوصال الدولة للتفكك !
حديث الصفقة !
أن المجلس العسكرى يتهم بأنه أوصل الإخوان مقابل صفقة تبدت فى إمتيازات واضحة فى دستور مطبوخ وفى خروج أمن وضمانات بعدم محاكمة قادته أوأى عسكرى أمام محاكم مدنية ! رغم بقاء المحاكم العسكرية للمدنيين !
ونحن نستدعى مؤسسة الجيش علينا أن نتذكر هذا كله وعلينا أن نتسأل هل من يتهم بعقد صفقة مع فصيل سياسى متطرف هو مؤهل لقيادة شعب ثائر له مطالب حقيقية وعادلة ومشروعة ؟
كما لا يجب أن يحلم البعض بأن تغيرا يمكن أن يأتى بإنقلاب داخل المؤسسة ذاتها فهذا أمرا مستبعدا بعد إقصاء قادة أكتوبر وكل من
يشك فيه من بعيد عبر عقود متتالية من حكم مبارك والأبقاء  فقط على من يدينون بالولاء الشديد للمخلوع والقائد !!
يمكن للبعض أن  يحلم بأن يعيد الجيش ترتيب الأوضاع فهو الذى وافق على بعثرتها وهو الذى أتى لنا بالعفريت ووضعه فى سدة السلطة وربما يعرف كيف يصرفه!
الخلاصة :
يبدو المشهد أقرب لطاولة القمار افى أغنية الحجار بينما يجلس ممثلا للعسكر وأخر للإخوان وثالث للسلف وأوراق اللعب يتم تداولها بينما يقف الشعب متفرجا ..و كلمات الأبنودى تترى والتورتة هى مصر ..والصراع بين ثلاث أطراف شعب وجيش وإخوان !
بنى الإخوان تنظيمهم بشكل عسكرى سرى فخرجت أوجه تشابه بين تنظيمهم وبين المؤسسة العسكرية فكلاهما مؤسسة تعتمد الكتمان والسرية وكلاهما يمتلك السلاح ويحترم التراتبية والأقدمية ويقدسا السمع والطاعة ويمتلكا السلاح شرعا وسرا ..وكلاهما فى صراع على تورتة مصر منذ زمن بعيد ..وكلاهما يمتلك مصادر تمويل ضخمة غير معروف حجمها وفى حالة الإخوان لا نعرف مصادرها حتى !ولا تخضع لأى رقابة مجتمعية !وكلاهما يتمتع بعلاقات خاصة وووثيقة بالأمريكان ..وكلاهما يقدس قياداته وهما لديهما أجهزة تخابر وجمع معلومات ومحاكم خاصة ..وكلاهما بكل آسى لوثت يديه بدماء الشهداء ! ولكن الفارق فى العقيدة جوهرى فجيش مصر عبر التاريخ جيش يرفع لواء الوطنية الجامعة بينما يرفع الإخوان لواء الدولة الدينية !
 يمكن للبعض أن يحلم بأن الجيش سيحميه من الإخوان ومن الدولة الدينية وأن تدخل المؤسسة العسكرية سيحافظ على هوية الدولة المصرية ومؤسساتها القائمة فى إطار صفقة جديدة تهدف إلى تعديل خريطة تقاسمه للسلطة مع الأخوان بحيث تتولى المؤسسة العسكرية إدارة البلاد من خلف ستار يبدو ديمقراطيا  بوضع رئيس ينتمى لها فى سدة الحكم وترك البرلمان والحكومة لتيار الأسلام السياسى !وهو ما تم التعارف على تسميته بالنموذج الباكستانى !...ولكن ليس من حق الناس  أن تحلم بأن الجيش سيحقق لها أى من أهداف الثورة ! يمكن للناس أن تراهن على أنفسها فقط ..الرهان الحقيقى يجب أن يكون على الشعب نفسه وعلى قدرته على مواصلة المقاومة والثورة.
يميل صاحب المقال إلى تصور أن هناك خلافا بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية وضح فى رفض الجيش قرارات كثيرة لها كتملك أبناء سيناء للأراضى !ورفض إقامة حظر تجوال على أهالى مدن القناة ورفض إستخدام العنف ضد الشعب وفى قيامه بردم الأنفاق ..هناك رسائل كثيرة أرسلتها القوات المسلحة تتضح فيها فروقات وخلافات بادية .
 المكسب الوحيد الذى سيحظى به المصريون من تدخل عسكرى هو الحفاظ على هوية الدولة وإيقاف مخططات البيع والإخونة ..ولكن ربما يحتفظ لإخوان وفق الصفقة ذاتها بموطىء قدم برلمانى وحكومى !أن تدخل القوات المسلحة مازال ينتظر أضواء خضراء كثيرة أهمها ضوء أخضر واسع من الشعب ! وبعضها ربما يأتى فى صورة حدث جلل يبرر التدخل ويكسبه مشروعية أكبر وبعضها أمريكى ودولى لم يأتى بعد !
هناك فروقات واضحة بين المجلس العسكرى السابق وبين القيادة العسكرية الحالية ...ولكن الأهم هو الفروقات بين أسلوب الإخوان فى إدارة الدولة وبين أسلوب الجيش فى ثوبه الجديد !لم يعد جسد الشعب يتحمل جراحا ولا تجارب جديدة وأقسى ما سمعته ما روته نوارة نجم عن رأى البسطاء فى أن الفرق بين المؤسسة العسكرية وبين الإخوان هو أن الجيش يقتل فى المظاهرات والشوارع ونجد الجثة ولكن الإخوان تخطف فى الظلام وتعذب ولا نجد الجثة ؟
أذا كان هذا هو الفارق الوحيد بين حكم العسكر وحكم الإخوان ؟ فالسؤال الأكثر الأهمية من سؤال أين ومتى ينزل الجيش؟ هو سؤال أين ومتى ينزل الشعب ؟

طارق عبد الفتاح
tarekart64@hotmail.com



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق