السبت، 24 نوفمبر 2012

رائحة وطعم الميدان



رائحة وطعم الميدان

جمعة 23 نوفمبر جمعة الغضب ..بدأ القلق يساورنى بعد صلاة الجمعة كان هناك بضعة آلاف وحدثتنى نفسى بأن هذه المظاهرة أذا فشلت فستكون إنتكاسة كبيرة للثورة ولمصر المدنية الحقيقية ! كان هذا شعور زملائى الفنان عبد الفتاح البلتاجى والفنان ياسر صادق أيضا  ..بعد العصر دخلت عدة مسيرات منها مسيرة قطعت ميدان طلعت حرب حاملة نعشا تذكاريا يخرج منه أطفال حادث قطار أسيوط لتصب فى الميدان ..ومسيرة أخرى أبتكرت فكرة وجود حمار فى مقدمة المسيرة يركبه رجل بالمقلوب وضع على ظهره عبارات منددة بقرارات الرئيس مرسى ! .الميدان آمن وهناك بعض اللجان ولكنها لا تفتش كل الداخلين !. ..عند مدخل محمد محمود شاهدت بعينى جنود الداخلية بملابسهم فوق سطح مدرسة الليسية يلقون الحجارة على المتظاهرين بينما أنهمرت قنابل مسيلة للدموع على المتظاهرين داخل محمد محمود .. موتسيكلات نقلت أكثر من 6 من الشباب المصاب من القنابل والخرطوش أحدهم رأيته يضع يديه على أحدى عينيه وتوجهوا لركن فى الميدان خصص لعلاج المصابين ..رفض المشرفين على الركن الطبى قيامى بتصوير المصابين وأحترمت رغبتهم ...وعاد طبيب شاب ليقول لى صور أذا أردت ..وقبل أن أفعل رفض زملائه الأخرين ! فى قلب الميدان يمكنك أن ترصد كاميرات مثبته أعلى مجمع التحرير وفوق أسطح العمارات للمراقبة والتصوير ! سمعنا عن وصول البرادعى وحمدين صباحى وبقائهم نحو ساعة فى الميدان ثم إنساحبهم لعقد إجتماع للخمسة الكبار قيل أنهم سيختارون فيه قائدا للثورة ! بينما عتب عليهم البعض ترك الميدان ..!
رأيت فى الميدان الأستاذ حسام عيسى وقد ألتف حوله مجموعة من المتظاهرين وكان مبتسما وعرفنا من دقائق اليوم نبأ التحقيق معه !عمرو حمزاوى والفنانة بسمة ومحمود قابيل تواجدوا ...وسمعنا عن وصول الفنان أحمد حلمى وهناك شخصيات عامة عديدة حضرت ولكنى أرصد من رأيت أو سمعت عن وصوله ...الهتافات متحضرة للغاية ! وهناك إبتكار فى الشعارات ..أعلام عليها صور الشهداء بداية من خالد سعيد وصولا لجابر صلاح ....رأينا قنابل الغاز تضرب من شارع القصر العينى على المتظاهرين فى شارع القصر العينى ويصل تأثيرها الى الميدان ...............مكتب الجزيرة وأثار الحريق بادية .. المشاركين من طبقات إجتماعية مختلفة وتواجد كبير للطبقة المتوسطة ..وتواجد لنسبة ليست قليلة من النساء المحجبات وعدد قليل من الملتحين وهناك جانب أصطف فيه حزب الوفد ... وشوهدت تيارات سياسية ناصرية وشيوعية وقومية وليبرالية وقادة بعض الأحزاب والحركات السياسية ...بينما وقف بعض الشباب يبيعون صحيفة الأشتراكى بجنية واحد .من الملاحظات المفرحة أن كل الأعلام المرفوعة كانت أعلام مصر فقط أتذكر تعليق لبعض المتظاهرين  بأنه أذا بقى فى الميدان 10% فقط لنهاية الليلة التظاهرية فسوف تتصاعد المظاهرات فى الأيام القادمة .. وقد حدث أكث من هذا هو إعلان عن إعتصام مفتوح ونصب للخيم فى الميدان ..
خطاب الرئيسى مرسى أثار غضب المتظاهرين وتداوله ما قاله أمام قصر الإتحادية لتتعالى الهتافات المنددة به وبالإخوان المسلمين ...ودخلت مسيرتين كبيرتين لألتراس الأهلى من جهة كوبرى قصر النيل وأخرى لإلتراس الزمالك من جهة رمسيس ليكتظ الميدان بالمتظاهرين ...وترتفع أهازيج وشعارات الألتراس المعروفة ..كل من زار الميدان أمس يتأكد تماما أن الثورة ستنجح
ربما يصيبك الأحباط واليأس وأنت فى منزلك تتابع ما يحدث عبر وسائل الإعلام ولكنك فى الميدان تتنابك أحاسيس أخرى وتشم رائحة الجنة والبطولة والأمل والتفاؤل ويسقط الخوف كل نفسك..ربما تخشى بالطبيعة على أسرتك وأبنك من أى أذى ..لهذا أقنعت زوجتى أن تخرج مع أبنى نورالدين  3 سنوات من الميدان الذى بدأ يختنق من رائحة دخان القنابل !
فى العاشرة مساء قررت الرحيل مجهدا من البقاء لأكثر من 9 ساعات وفى محطة المترو ساعدت سيدة ستينية بسيطة فى حمل برواز خشبى ودخولها لقطار المترو وبعد أن جلست وجدت أنها تحمل صورة أبنها الشهيد أحمد محمود بخيت 20 عاما والذى أستشهد فى أحداث مجلس الوزراء ! بجوار السيدة فى مقعد المترو كان يجلس بعض جنود الداخلية البسطاء المتعبين غيرت أتجاه البنر لتكون صورة الشهيد فى مواجهتهم !رغم علمى بأنهم ليسوا القتلة الحقيقيين  فتعلقت عيونهم بصورة الشهيد وكأنه أشتبك معهم فى حوار خاص !لا نسمعه ! رفضت السيدة التى هدها الحزن إجراء أى حوار معى وكانت متعبة للغاية ولكنها أعطتنى رقم تليفون زوجها !لم تطاوعنى نفسى حتى لأقول لها شد حيلك تركتها وقد تسرب حزنها المميت لروحى ..وتذكرت كلمة الأبنودى الموت ليس أن تموت ولكن أن يموت أبنك أمامك..!

طارق عبد الفتاح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق