ضحايا الثورة
والمسلسلات !
أيها المواطن المنهك من
ثورة فقدت فيها الكثير وأختلطت عليك الأمور سنسلسلك بالدراما ومالم تستطع تحقيقه
من أهداف الثورة سنحققه لك دراميا !
سترى نفسك رجل أعمال
تعيش فى القصور ولديك وزوجات وعشيقات .. والكل يأتمر بأمرك !وأذا أفقت على
إعتداءات إسرائيل المتكررة على جنودنا وضباطنا على الحدود و شعرت المهانة من
إستمرار إتفاقيات العار المسماة بالسلام فسنأخذك لزمن ناصر وجهاز المخابرات ودوره
الكبير فى زرع جواسيس فى قلب إسرائيل ستشعر بالتوازن النفسى الذى يعوضك عن إحساسك بالتراجع
علميا ونهضويا عن إسرائيل الأن !
ستبقى على أريكتك مكرما
معززا !ولن تشعر بمرارة أن شيئا لم يتغير فيما يخص قضية الإستقلال الوطنى بعد ثورة
يناير أو أن سياستنا الخارجية مازلت حتى الأن تقتفى خطى مبارك !أما أذا كنت
من أعداء ثورة يوليو
ولا تطيق ناصر فلا تحزن يمكنك العودة أبعد من ذلك لزمن الحملة الفرنسية فى مسلسل
أخر سيذكرك بمحمد كريم وعمر مكرم وصفحات بكر وناصعة من تاريخنا الوطنى فى عمل
متميز .
اذا لم تكن لديك هذا
الهم الوطنى أصلا وتريد عملا خفيفا يدغدغ حواسك الذكورية ويخاطب مكبوتاتك ورغبتك
فى الفحولة الشرقية الفظيعة ستجد مسلسلا يتزوج فيه رجل الأعمال بأربعة زوجات
ويطلقهن ليتزوج من جديد وكله بما يرضى الله!ولكن لا تحاول أن
تقلده قبل ان تتأكد من
سلامة موقفك المالى والصحى !
أما أذا لم تكن دراما
الثورة قد شدت أعصابك بما يكفى فيمكنك
أن تشاهد عدة أعمال
مستنسخة من الأكشن الامريكى !
وهناك عالم الإنتخابات
بقذراته وكيف يتم إستغلال الفقراء المهمشين ودهسهم من أجل مصالح بلطجية أكبر هم
نواب مجلس الشعب ! زمن مبارك والعادلى! كواليس عاشها المواطن فى الحقيقة ولم تقترب
منها الدراما !
هذه أعمال جيدة ونادرة
ولكنك ستجد نفسك متسلسلا بكم لا حصر له من الأعمال الدرامية الفاسدة التى أنطلقت
برؤوس أموال فى هجمة
لا تقل ضراوة عن هجمة
رجال الأعمال على عالم الميديا والصحافة !. والهدف واحد فى الحالتين عقلك انت
عزيزى المواطن ..المقصود ان تعد كما كنت قبل الثورة ..عالمك هو الدراما والكورة ! تسترخى
وتتعاطى الأوهام الدرامية الناعمة وتذوب معها وتركل الكرة مع الراكلين محققا
أهدافا كثيرة ليس من ضمنها أبدا أهداف الثورة !
لا تنزعج لأن المسلسل
الذى أنتهيت من مشاهدته ستجده يطل برأسه من كل القنوات الأخرى وربما يخرج لك من الثلاجة !
وأذا أختنفت وخرجت لشرفتك
ملتمسا بعض الهواء فستجد لوحة ضخمة تأمرك بالدخول فورا لإستكمال باقى المسلسلات !
ستمزقك الإعلانات تمزيقا .. ستكتشف انك تشاهد إعلانات تتخللها قطع درامية !
وستتأثر بإعلانات تدعوك أنت الفقير المتعب للتبرع لعلاج أطفال مصابين بالسرطان !
! وقبل ان تتسأل عن دور
الدولة أو دور رجال الأعمال ورجال الدين
والأثرياء والفنانين
ونجوم المجتمع وقبل ان تتذكر أن إنجيلينا جولى تبرعت ب 100 الف دولار لأطفال سوريا
!آه والله إنجيلينا جولى الأمريكية تبرعت ولم يسمع نجومنا الأفاضل عن أطفال مصر
وسوريا أو حتى بورما !
قبل أن تقرر أن تبيع
الأريكة التى تشاهد من عليها المسلسل وتتبرع بثمنها أنصحك أن تبيع
التليفزيون!والتبرع بثمنه لمصابى الثورة
ولك أن تعلم أن
المسلسلات تكلفت مليار ونص المليار جنية مصرى ! هل تصدق!و لم يتبرع منتجو الدراما بنص
جنية حتى للأعمال الخيرية ! لماذا لم يتبرع رجال أعمال الدراما التليفزيونية
بأجورهم عن عمل درامى واحد فقط لعلاج مرضى كثر سرطنهم رجال أعمال نظام مبارك !
ولماذا التركيز على مرض
السرطان مع أن شعبنا مهرى من الفشل الكلوى ومن الألتهاب الكبدى الوبائى والسكر والضغط
وتشكيلة أمراض عظيمة !
لماذا لا نتبرع لهؤلاء
الذين اصابتهم امراض الضغط من برامج التوك شو ! وهؤلاء الذين اصيبوا بالعته والخلل
النفسى والأكتئاب الهستيرى بعد مشاهدتهم لمسلسلات رمضان !
أتمنى من قلبى أن نجد
آلية لتوجيه زكاة رمضان هذا العام من أجل مصابى الثورة وأسر الشهداء وضحايا
مسلسلات رمضان !
طارق عبد الفتاح
خبير إعلامى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق