نشر في جريدة المصري اليوم 5/5/2012
شوية صور عمل مسرحى
يحارب الإبتذال
عنواين فرعية : 1-
تشيكوف وجاهين يواجهان الإبتذال فى نقابة الصحفيين !
2- جاهين وتشيكوف وجهان
للثورة فى نقابة الصحفيين .
3- شوية
صور عمل مسرحى يفضح قبح الرأسمالية .
(شوية صور ) عرض مسرحى قدمته
فرقة ( فكرة ) بنقابة الصحفيين يمزج بين قصص الأديب الروسى تشيكوف وأشعار صلاح
جاهين وكلاهما كانت إبداعاته تحمل قدرا متفجرا من السخرية الممزوجة بالشجن ورفض
الإبتذال وإمتهان الأنسان ولا غرابة أن كتابات كلا منهما مهدت لثورة فى بلاده ..
كان أدب تشيكوف تمردا على كتابات تولستوى الذى كان يرى أنه لا جدوى من مقاومة الشر
! بينما جسدت أشعار جاهين بصدق روح ثورة يوليو52 .
وكلا منهما كانت
إبداعاته تصور الحياة تصويرا أمينا .
.. يبدأ العرض بالجدة
تقلب (صور ) ألبومها مع أحفادها فتتحول إلى مشاهد مسرحية إنسانية حية مجسدة
حالات من القهر والخوف والنفاق والفقر والوحدة والعزلة..ونرى نرى صور متنوعة لقبح الرأسمالية وإستغلالها للبسطاء ..
فى قصة (الأنسة
المغفلة) صاحب العمل يبالغ فى خصم راتب عاملة حتى لا يبقى لها الإ 20 جنيها !وهى
فى حالة من الخنوع والخوف ربما تشبه حالة الخضوع الخادع للشعب المصرى قبل ثورة25
يناير
!ثم نرى صورة أخرى
للرأسمالى الغير عابئ بمعاناة الأخرين يمنح مخدومه راتبا أعلى من راتب زميل
الدراسة !
ورأسمالى ثالث يفصل
موظفا فقط لأنه عطس دون قصد فى قفاه ! ربما كان من الجميل إستحضار قصيدة لجاهين يشبه
فيها إستغلال العمال بإعواد القصب فى الماكينة (كلنا ممضغوين على ضبة فاجرة!)
ننتقل لقصة ( لمن أشكوا
أحزانى ) البديعة... سائق حنطور أخر يموت أبنه بالإمس ويحاول عبثا أن يبث أحزانه
لركابه ولايجد آذنا تصغى إليه فيضطر أن يفك سرج عربته ويبدأ فى الشكوى للحصان! مشهد
كان يحتاج إلى إبراز أعلى فى الإعداد والإخراج .
نرى فتاة بلا مأوى يمنحها
طالب الفن التشكيلى مكانا معه للإقامة مقابل أن يرسمها وتخدمه ويستعيرها زميله طالب
الطب الملتحى ويتعامل معها كجثة يدرس عليها التشريح ! ثم يحاول أن ينالها وعندما
ترفض ينصح زميله أن يطردها خوفا على سمعته !
هذه الصورة كانت تصلح لمعالجة
ظاهرة أهل الشوارع من أطفال وشباب فى مصر!ولفضح بعض المتظاهرين بالتدين !
فى صورة أخرى يصبح القانون
لعبة يتمرجح بين كلب ومواطن فيأتى فى صف المواطن الذى عضه الكلب ! ثم نكتشف أنه
كلب المأمور ليصبح المواطن المعضوض هو المخطأ !
رغبة المعد فى إستحضار
عدد كبير من القصص أربك النص وإدخال أكثر من قصة فى مشهد مسرحى واحد أضاعت بعض
المعانى التى أرادها تشيكوف .
يحتاج النص للتكثيف وإبراز المعانى الساخرة
الموجودة فى عالم تشيكوف القصصى كما أن القصص التى تتناول حالة الإستلاب الرأسمالى
تحتاج لربط أقوى بوضع المواطن المصرى قبل وبعد الثورة ! ومشاهد قسم البوليس كان
يجب ربطها بالتعامل الأمنى مع المواطن قبل وبعد الثورة .
فرقة ( فكرة ) وهى
واحدة من الفرق الحرة التى تعمل فى غياب كامل للأمكانات وبدون ميزانية .
نجح المخرج شريف سمير
فى قيادة فريق كبير من الممثلين ببراعة وإستطاع أن يجد حلولا إخراجية جيدة للعديد
من المشاهد مثل مشهد الأرملة والمغفلة والمشاهد الجماعية بشكل عام وأستغل جيدا
المساحة المسرحية حركيا وكان من الأفضل الإستعانة ببعض الستائر السوداء كواحدة من
مفردات المسرح الفقير ... لمعالجة نقص الإمكانات.. وأن ينتبه الممثلين حتى لا
يسقطوا فى المناطق المظلمة من المسرح .
عود الفنان محمد الوريث
أكد حالة الشجن فى كتابات تشيكوف وأشعار
جاهين .
من أجمل عناصر العمل
الروح التلقائية البكر لدى فريق الممثلين الموهوبين التى منحت العرض وهجا وأبرزت الكوميديا
فى كتابات تشيكوف فتميز منهم : مروة أمام
وأحمد على وحسن موسى وغادة سعيد وعبير يوسف وهانى محمد وحسام فريد وياسر أبو
العينين وأحمد حسين وأحمد سمير ومحمد الوكيل
وشريف سمير.
قدم هذا العرض فى سياق
زمنى مختلف من إعداد وأخراج طارق سعيد ويحتاج أن يقدم بمعالجة جديدة تستوعب
متغيرات ما بعد الثورة .
كما تحتاج الفرق
المستقلة والحرة إلى تغيير النظرة الثقافية التى ظلت سائدة طوال حكم المخلوع فى
التعامل الأمنى معهم بإلقاء بعض الفتات لهم لتفريغ طاقتهم ! لابد أن ينظر اليهم بإعتبارهم قوة بناء لمجتمع
جديد يولد الأن من رحم الثورة .
طارق عبد الفتاح
إعلامى
tarekart64@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق