نشر في جريدة المشهد 2012
إنطباعات عائد من السفر
!
عدت إلى مصر بعد غياب عامين
.. مشهد الشارع يشى بأن القاهرة خرجت لتوها من عدوان ثلاثى أخر !!
شاب يسيرعارى الصدر حاملا بندقية
وأخر سلاحا أبيض!!
بعض الأقسام والمبانى ومقرات
الوطنى متفحمة!تتصدر بناية منها صورة
لمجموعة أطفال وكتب عليها ( علشان تطمن على مستقبل أولادك )!
صوت طلقات الرصاص أصبح أمرا طبيعيا!
الأسلاك الشائكة ودبابات
القوات المسلحة تحيط مبنى الإذاعة
والتليفزيون ! ومبانى أخرى !
السكتة المرورية طوال اليوم ! أكوام
القمامة فى كل مكان !
الباعة الجائلين وأصحاب
المحال والمقاهى والمحلات أحتلوا الأرصفة!!
مشكلة الوقود 80
و90 تظهر وتختفى من حين لأخر !!
جامع القمامة أصر على
تقاضى أجره رغم سفرى للخارج !
رسوم النظافة مازلت
تحصل على إيصال الكهرباء !
دفعت 40 جنيها شهريا كهرباء
على مدى عام كامل رغم إغلاقى للشقة وسفرى !!
... إنتشار سرطانى
للفضائيات والصحف والقنوات الدعوية المجهولة
الهوية والهدف والمصدر !!
70 مليون يتكلمون ويصرخون ولا أحد يسمع الأخر
!!
لافتات تدعو للختان !
بعد حادث ماسبيرو !!
صديق عمرى المسيحى لم يهنأنى بالعيد للمرة الأولى ! منذ عقود!
ليس أسوأ من الإنفلات
الأمنى الإ إنفلات الأسعار !!
السحابة السوداء تحاصر
سماء القاهرة لتضيف للمشهد أبعادا رمزية
شاملة !!
تزايد عدد المتسولين !
المياه مقطوعة أو ضعيفة
فى مناطق سكانية متعددة!
زادت الطوابير أمام المخابز والمصالح الحكومية و
العيادات الشعبية وطلبا لأنبوبة بوتاجاز !
الأحساس بعدم الأمان والخوف من المستقبل قاسم
مشترك لدى الكثيريين ! والمواطن على وشك الإنفجار !
...المظاهرات والإعتصامات
والإشتباكات والإعتقالات والإصابات والقتلى خبر يومى!
البعض يسأل مبكرا جدا
ماذا أعطتنى الثورة ! رغم أنه لم يضحى بشئ!!
لافتة المسرح ( الكوميدى ) ( مفيش حاجة تضحك!
)..
المسارح خالية من
الجمهور ! الأنتاج السينمائى والتليفزيونى تأثر بعنف !..
... الواقع صار أكثر
درامية وأثارة وجنونا من الفن وأفلام الأثارة
والرعب !!
أصبحت نشرات الأخبار
والبرامج السياسية أكثر أهمية وأثارة ..وصار
مقدمى وضيوف هذه البرامج أكثر شهرة من نجوم الفن !
البسطاء فى حالة غضب
وغليان وهم يسمعون عن مليارات الفاسدين ! وملايين
المجتمع المدنى ورواتب بعض القيادات!أصبح
!! الفنانين ولاعبى
الكرة مساكين
ثقافة عدم المحاسبة هى
السائدة فى عام إنتقالى دموى !
نخسر البرادعى !ويضرب أبو الفتوح ونوارة نجم ! وشفيق يشترى أطنان من البونبون
تمهيدا لتوزيعها فى حملته الدعائية ! الأ يمثل ترشحه للرئاسة سخرية وأحتقارا
للثورة ؟
أحمد عكاشة يعلن عن
علاج للإكتئاب فى أسبوع واحد ..ثم نكتشف إنها فرقعة صحفية !
أبن أخى جامعى ذهب
للتصويت خوفا من الغرامة !وأبطل صوته لعدم قناعته بالعملية الإنتخابية أو حتى
بالبقاء فى مصر !
.. أموال الإخوان والسلفيين حرمت شباب الثورة وصانعيها
من النجاح! و إتهامات بشراء الأصوات خلف النقاب !
تلاعب بإستمالة
الناخبين وإستغلال حالة الفقر والأمية السياسية لصالح تيار الإسلام السياسى !
تصريحات السلفيين المخيفة
عن السياحة وأدب نجيب محفوظ وتغطية
التماثيل !
قبول الداخلية لتدريب
مجموعات من السلفيين والإخوان لمساعدتها فى حفظ الأمن !!
غياب الأمن وأخفاء الحقائق
!ورجال النظام القديم فى أماكنهم ... والثورة تترنح !
وعلاء مبارك يشكو عدم
وجود مكان للتريض فى المزرعة !بينما مصابى وسجناء الثوار مقيديين فى السرائر !
والمخلوع ينقل بالطائرة من منتجعه الطبى ! والعادلى وجمال وكأنهم يدخلون نادى
الجزيرة لا قاعة محكمة !
الهجمة الغامضة
والمفاجئة على هيئات المجتمع المدنى !هل المقصود تغييب دور هذه الهيئات فى الإنتخابات
الرئاسية المقبلة !
ثم التراجع المهين !
.. ثورة بلا قيادة ... وقيادة
النظام القديم للثورة ! هل يمكن للجسد أن يتخلص من رأسه ويبقى على قيد الحياة !
مهاترات البرلمان والإتهامات
المتبادلة والإنصراف عن أهداف الثورة وقضايا البسطاء! نريد أن نعلم أيضا كم يتقاضى
عضو البرلمان ليمارس هذا العبث !
كرة اللهب التى يتسلى
بها البعض ستحرق الجميع !والخارج يراقب ويحرك
ويتدخل أحيانا .. ؟ هل يخططون لسيناريو مماثل لما حدث فى السودان ؟هل هذا
هو سر دعم تيار الإسلام السياسى وتركه يتوحش ويسيطر حتى يتم مخطط التقسيم والتفتيت
؟
وصوت من الميدان لن
يسرقوا الثورة بالإنتخابات والصفقات والمؤامرات !لن نسمح .. الثورة مستمرة .
صوت أخر يأتى من طوابير
العشوائيات والخبز والبوتاجاز والبطالة والمرض والحرمان وهو يسمع عن مليارات
وتريلونات هربت وأخرى فى جبال الذهب بمنجم
السكرى ! وملايين قناة السويس والغاز الطبيعى والبترول وملايين أخرى مازال البعض
يتقاضاها شهريا ... هذا الصوت الغاضب يتزايد
وبدأ يزمجر ويرعد وربما ينفجر فى ثورة قادمة أخشى أن يصدم العالم بدمويتها !
كما أنبهر بسلمية ثورة
يناير !
طارق عبد الفتاح
خبير إعلامى
tarekart64@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق